كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر قصة قتل المتوكل العباسي]

صفحة 682 - الجزء 1

  للأبناء فيسلَّمُ له؟ فلينظر المسلم لنفسه فلا بد من دار غير هذه تبلى فيها السرائر ويعدم فيها الناصر وتنقطع الأواصر؛ فنسأل الله التوفيق؛ وقسَّم الأرض بين أولاده عتواً على الله وخروجاً عن رُسُوم أمر دينه.

[ذكر قصة قتل المتوكل العباسي]

  ولما دخلت سنة سبع وأربعين وهي السنة التي قُتِل فيها كانت أحواله تختلف في الشرب فتارة ينشط له وتارة يفتر منه، والندماء على منازلهم في دار خلافته لا يكادون يفارقونه، ولما كان يوم الثالث وهو الثلاثاء لثلاث خلون من شوال أصبح نشيطاً فرحاً مسروراً، فقال: كأني أجد مس الدم، فقال الطيفوري وابن الأبوس وهما طبيباه: يا أمير المؤمنين عزم الله لك على الخير افعل، ففعل فاشتهى لحم جزور فأحضر بين يديه فأكل هو والفتح بن خاقان، ولما أخذ مجلسه دعا بالندماء والمغنين فحضروا، وأهدت إليه فتيخة أم المعتز مطرفاً خزاً أخضر لم ير الناس مثله حسناً فنظر إليه فأطال النظر فاستحسنه وكثر تعجبه منه؛ فأمر به فقطع نصفين وأمر برده عليها، ثم قال لرسولها: اذكريني به فإني أظن أني لا ألبسه وإنما أمرت بشقه لئلا يلبسه أحد بعدي.

  قال: وأخذ في الشراب واللهو ولهج بأن يقول: أنا والله مفارقكم عن قليل فلم يزل في لهوه وسروره إلى الليل وكثر عبثه بابنه المنتصر، مرة يشتمه، ومرة يسقيه فوق طاقته، ومرة يأمر بصفعه، ومرة يتهدده بالقتل.

  وحكى ابن جرير في تاريخه، عن هارون بن محمد بن سليمان الهاشمي، قال: حدثني بعض من كان في الستارة أنه التفت إلى الفتح بن خاقان، وقال: بريء من الله ومن قرابته من رسول الله ÷ إن لم يلطمه يعني المنتصر، فقام الفتح فلطمه مرتين وقال المتوكل لمن حضر: اشهدوا أني قد خلعت المستعجل، قال: سَمَّاكَ الناسُ لحمقك المنتصر، وأنا أسميك المستعجل.

  فقال له: يا أمير المؤمنين لو أمرت بضرب عنقي كان أسهل عليّ مما تفعله بي،