[لا يجب حمد الله ولا عبادته على قول المجبرة]
  الرجل وفرقته.
  وأما قوله: «عندهم أن الله قد طهر أبا لهب وأبا جهل كما طهر النبي ÷، وأعطى كل واحد منهم قدرة تصلح للضدين وتتعلق بالإرادتين».
  فالجواب: أن هذا مثل ما تقدم من حكاياته التي لا أصل لها؛ فإن أحداً لا يقول: إن الله تعالى طهر أبا لهب وأبا جهل، ولعله أراد أقدرهما أو غلط الكاتب أو سها المملي عليه، بل نقول: إن الله تعالى حكم بنجاستهما لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}[التوبة: ٢٨]، وهما من رؤساء المشركين.
  وأما قوله: «وأعطى كل واحد منهم قدرة تصلح للضدين».
  فالجواب: أنا قد بينا أن المكلف لا بد أن يكون قادراً على ما كلف وقت الخطاب وقبل الفعل، وهذا يقتضي أن القدرة تكون متقدمة وغير موجبة وصالحة للضدين؛ لأنها تكون قدرة على الإيمان وهو في وقت الخطاب فاعل بالقدرة لغير الإيمان، فما في هذا من قدح لولا التجاهل، والجهل بالمسائل الأصولية.
[لا يجب حمد الله ولا عبادته على قول المجبرة]
  وأما قوله: «فلا معنى حينئذ عندهم لحمد الله على شيء لا يتولاه ولا يقدر عليه، بل لا معنى لحمد النبي ÷ ربه ø على ما أعطاهُ من هذه النعم من القدرة على الطاعة، والحراسة عن المعصية، إلى غير ذلك من النعم العظام، والمنن الجسام لربه».
  فالجواب: أنا قد بينا أنه لا يصح على قول المجبرة أن يحمد الله أحد من الخلق لا مؤمن ولا كافر، أما الكافر فقد بيناه فيما تقدم.
  وأما المؤمن فإنما يصح أن يحمده متى عرف أنه تعالى قصد الإنعام عليه، بالخلق والإقدار والتمكين وخلق الشهوة والمشتهى والتمكين منه، وقصد الانتفاع، وقصد تعالى بالتكليف التعريض لمنافع عالية لا تنال إلا به، وهذه