[ذكر أيام القائم بأمر الله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  عن المنكر، مقيماً لرسوم الدين، ناصباً لأعلام الحق قاصماً لقرون الجور، عابداً لله تعالى حتى أتاه اليقين.
  فأين من هذه حالته من حال من قدمنا ذكره من العباسيين؟ الذين جعلوا الخلافة ملكاً، والخشونة في دين الله ليناً:
  أفعال كسرى في القديم وقيصر ... أضحت شعار أئمة الإسلام
  أفحجبت آثار أحمد عنكمو ... فجهلتمو يا معشر العلام
  ولما توفي القادر في اليوم الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وله ست وثمانون سنة وشهر، وأقام بالخلافة إحدى وأربعين سنة من حيث أن التصرف لمن قدمنا ذكره ولم يكن للقادر إلا الاسم لا غير ذلك.
[ذكر أيام القائم بأمر الله العباسي ومن كان بإزائه من أهل البيت (ع)]
  ثم نصبوا أبا جعفر بن أحمد الملقب بالقائم بأمر الله، وأمه: بدر الدجى أم ولد، بويع له في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.
  وأخذ منهاج من تقدمه في ارتكاب معاصي الله تعالى علواً كبيراً، وتعدي حدوده، ومخالفة أوامره، والاعتكاف على اللذات، والجنوح إلى الشهوات، والأمر والتدبير والملك والتصرف في الخاصة والعامة إلى الملك أبي طاهر جلال الدولة فهو المتصرف في الملك كيف يشاء، وهذا الملقب بالقائم خائف مقهور تجرى عليه الأرزاق كما تجرى على غيره من الخاصة أقواته كما قال أبو فراس:
  لا تدَّعوا مُلْكَهَا مُلاَّكها العجم
  وكذلك من قبله إلى المتقي لم يبق لهم في الأمر نقير ولا قطمير وقنعوا بالاسم دون التصرف، وما قدروا على تغيير ما أنكروا مما كرهوه من التحكم فيهم والتسلط عليهم.