[الفرق بين وعيد الله ووعيد العبد]
  استحقاق النار؛ لأنه ÷ قال ذلك وهو في الدنيا ولم يدخل النار بعد، فلا بد من حمل الخبرين على ذلك.
  ومثل هذا ما رويناه بالإسناد الصحيح أنه ÷ سمع رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}[الإخلاص]، فقال ÷: «أما هذا فدخل الجنة» فذكر لفظ الدخول بلفظ الماضي، والمراد به استحق دخول الجنة؛ لأنه كان في الدنيا لا في الآخرة، وهذا أمر لا يستنكره إلا من لا خبرة له بالأخبار، وبما في الكلام الفصيح من التجوز والحذف والاستعارات، وأكثر ما في ذلك أنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وذلك كثير في كتاب الله تعالى، وفي اللغة العربية، وأمثلته تكثر، لكن أحب الفقيه إظهار أدبه وورعه عن أعراض الناس، والله تعالى عند لسان كل قائل.
[الفرق بين وعيد الله ووعيد العبد]
  ثم قال: «قال القدري: وأما قوله [أي فقيه الخارقة في رسالته الأولى]: إن من خالف وعيده في الغفران والعفو لا يسمى كاذباً، ولا ينسب في اللغة إلى الكذب، بل ينسب إلى الكرم؛ فالكلام(١) عليه في اللغة: أن ذلك وإن وجد في الشاهد فهو لوجه يخص العباد، وهو أن المخلوق إذا توعد غيره فإنه يخبر عن عزمه على إيقاع المضرة أو فوت المنفعة؛ لأنه لا يعلم عواقب الأمور، ولا ما تؤول إليه من تمام، أو عائق وانقطاع، وهذا بخلاف خبر الله سبحانه، فإنه يخبر عن نفس الفعل، ولا يجوز أن يخلف في خبرهِ، فافترقا من هذا الوجه؛ فتدبره تصب إن شاء الله تعالى.
  وأما استشهاده [أي فقيه الخارقة] بالأبيات؛ فمنها قول الشاعر:
  وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدتُّهُ أَوْ وَعَدتُّهُ ... لَمُخْلِفُ إِيْعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
(١) بداية جواب الشيخ محيي الدين ¥.