[الفقيه يجيز الكذب ويستعمله]
  إنما عملوا ذلك معتقدين أنه الدين القويم، لما رأوا أن الإمامة قد انعقدت لأبي بكر، فلزمت الجميع طاعته، ولكن فكيف يقوم الظل والعود أعوج، ولو صحت الإمامة لكان كما قال، لكنه بنى خلافاً على خلاف، وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلاً.
  ثم قال: «وأما قوله: على أن إمامة عمر مبنية على إمامة أبي بكر، وقد بطلت بما قدمنا؛ فأقول: قد بطل قولك بما ذكرنا».
  فالجواب: أنه ما ذكر ما يدل على إمامة أبي بكر ولا عمر، بل استدللنا ونستدل على بطلان إمامتهما بما لا يخفى.
[الفقيه يجيز الكذب ويستعمله]
  ثم قال: «وأما قوله: وما ذكر بعد هذا إلى أن اعترض على المثال، فهو كلام قد تقدم الجواب عما فيه فائدة، فلم يتقدم جوابه».
  والفقيه(١) قد اعتمد على أن ما ورد مما لا يفهمه، أو مما يخالف مذهبه، فقد يقول: لم يذكر، أو قد قدمنا جوابه، ولعمري إن هذا أسهل له من تكلف جواب لا يعرفه، وأعظم جرماً عند الله في أنه إفك مفترى.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: مثل الأذية والسب والتهجين، فلم(٢) يجر ذلك في هذا الموضع، بل صاحبنا عندما ينقطع عن جواب شيء، ولا يجد له مساغاً فيه؛ يهمله، أو يقول: هو سب وتهجين وأذية، ليوهم عند السامع أنه لم يترك إلا ما هذا سبيله، وليس ذلك بمنج له، ولا دافع لحجة خصمه».
  والجواب: أنه لا يجسر على ما قال إلا من يعتقد جواز الكذب، والفقيه قد أجازه، وذكره في رسالته هذه، فصار لا يتورع مما يقول، لأنه عنده جائز فيتكلم كيفما كان صدقاً كان أو كذباً، وأما من يعتقد أن الكذب قبيح كله، سواء كان فيه
(١) من عند (والفقيه) هو كلام الإمام عبدالله بن حمزة # رداً على قول فقيه الخارقة: فلم يتقدم جوابه.
(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.