[قتل يزيد للحسين بن علي (ع)]
  والجامع بينهما أنه تقديم المستحق على الفعل المستحق عليه، وذلك لا يجوز؛ بل نقول هذه جهالة من الفقيه ما سبقه إليها غيره، ولهذا ما تكلم بمثل ما قال أحد من علماء الجبرية، إلا أن يريد أنه تعالى يثيب ويعاقب ويمدح ويذم على ما علم أنه يكون وإن لم يقع، فكان تصريح بذلك؛ فيلزمه(١) ما لا قِبَلَ له به.
[قتل يزيد للحسين بن علي (ع)]
  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما ما ذكرت من البيعة ليزيد، وقتله للحسين بن علي @ فقتل الحسين بن علي - سلام الله عليه - إن أنصفت فأنت تعرف كيف كان سبب قتله، ومن قتله، وأن يزيد قتل قاتله على ذلك.
  والجواب [المنصور بالله]: أنا قدمنا أن القود يلزم المباشر ويلزم المكرِه عليه، وأما الإثم والعقوبة فيلزم الآمر، والمعين، والراضي، والحائل عن التخلص من القتل، وفصلنا ذلك.
  ويزيد اللعين لا يخرج عن هذه الأقسام(٢)؛ بل نقول: ويل الفقيه من رب
(١) وهي قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ..} الآية [الحديد: ٢٢].
(٢) قال ¦ في التعليق: كان مسير الحسين بن علي إلى العراق بعد أن بايع له من أهل الكوفة اثنا عشر ألفاً على يد مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وكتبوا له في القدوم عليهم، فخرج من مكة قاصداً الكوفة، وبلغ يزيد لعنه الله خروجه، فكتب إلى عبيدالله بن زياد وهو عامله على العراق، يأمره بمحاربته وحمله إليه إن ظفر به) ... إلخ أخرجه الكنجي عن اسماعيل بن علي الخطبي، قال وذكره محدث الشام في كتابه يعني ابن عساكر [كفاية الكنجي (ص ٣٨٧)]. وروى الكنجي أيضاً بسنده عن عثمان الحزامي [في الكفاية (ص ٣٨٨): حدثنا محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي قال: خرج الحسين] قال: (خرج الحسين ساخطاً لولاية يزيد بن معاوية فكتب يزيد إلى ابن زياد: أنه قد بلغني أن حسيناً قد سار إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبداً. فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه، فلما وضع الرأس بين يديه تمثل بقول حصين بن حمام المري:
نُفَلِّقُ هاماً من رجالٍ أحبةٍ ... إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
قال: وزاد الطبراني في روايته (وكان عنده علي بن الحسين فقال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ} ... إلى قوله تعالى: {يَسِيرٌ ٢٢}[الحديد]) [كفاية الكنجي (ص ٣٨٨) وفيها (أحبة، علينا)]. وقد قال النبي ÷ في تفسيره لرؤيا هند بنت عتبة: «وأما النجم فابني الحسين يقتله ابن معاوية، =