كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أدلة الفقيه وإبطال صحة استدلاله بها جملة]

صفحة 386 - الجزء 2

  وأما قوله: «فاختلط عليهم الاستدلال».

  فالجواب: أن الاستدلال على حسب المذهب فمن اختلفت أقواله اختلفت بيناته، واختلفت اعتراضات من يعترض عليه؛ فالاختلاط كان أصله من الفقيه وأمثاله حيث لم يستقروا على مذهب فتقع المناظرة عليه، بل تنقلوا إلى أمور كثيرة على ما قدمناه من أنه أضاف الأفعال أولاً إلى الله جميعاً وقال: من خالف ذلك فهو من المجوس، ثم قال: ولا نقول بمقالة الجهمية أنهم ملجأون وأن العباد لا يفعلون فعلاً، ثم قال: إن الحق لا جبر ولا تفويض، ثم قال بفساد القول: إنها من الله فقط ومن العبد فقط، ثم قال: إن مذهبه متوسط بين المذهبين، ثم قال: إنه يجمع بين طرفي القولين، ثم قال: هذه المسألة تحيرت فيها عقول الأولياء، واختار قوم من كبارهم السكوت عن الخوض فيها؛ فلهذا قلنا اختلطت أقوال الفقيه حتى حكى عن نفسه سبعة أقوال جمعناها له هاهنا.

  وأما قوله: «ولم يوفقوا للفرق بين الهدى والضلال».

  فالجواب: أنه إن أراد خلق الفعل فلا لوم لمن لم يخلق الله تعالى فيه الفعل بل اللوم على من يزعم أن الله تعالى يخلق شيئاً ثم يأمر به أو يعذب عليه، مع أن الهدى والضلال إذا كانا من فعله تعالى فلا يحتاج إلى فرق بينهما.

[أدلة الفقيه وإبطال صحة استدلاله بها جملة]

  وأما قوله: «وقد أحوجنا هذا الرجل إلى أن نقيم الدليل على أنه القدري حقاً، وعلى أنه مجبر أيضاً من حيث المعنى، ولو أردنا إحصاء الأدلة على ذلك، وذكر ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة، وإسناد كل حديث من ذلك لخرجنا إلى الإكثار، وعدلنا عن الاختصار».

  فالجواب: أنا قد قدمنا أنه لا يمكنه الاستدلال بالكتاب الكريم والسنة الشريفة، مع اعتقاده أن كل كذب وزور، وسفه وفجور فعل الله سبحانه وحده لا فاعل له غيره، أو أنه والعبد اشتركا فيه فمشارك الكاذب كاذب، وأنه يحسن