كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر أيام المقتدر العباسي ومن بإزائه من أهل البيت (ع)]

صفحة 732 - الجزء 1

  قال: فاستفدت في تلك الحال منه مذهبه وقول من قال به من التابعين والدلالة عليه، ولم أكن عرفت شيئاً منه قبل ذلك.

  وأنفذ إليّ يوماً من الأيام يقول: إن كان في مالك لله حق زكاة فأخرجه إلينا، فقلت: سمعاً وطاعة من لي بأن أخرج زكاتي إليه، وحسبت حسابي فإذا علي من الزكاة عشرة دنانير، فأنفذتها إليه.

  فلما كان ذات يوم بعث إليّ واستدعاني فإذا هو يوم العطاء والمال يوزن ويخرج إلى الناس، فقال: إني أحضرتك لتشهد إخراج زكاتك إلى المستحقين، فقمت وقلت: الله الله أيها الإمام كأني أرتاب فيك بشيء أو أشك في فعلك؛ فتبسم وقال: ما ذهبت إلى حيث ظننت ولكن أردت أن تشهد إخراج زكاتك.

  وقلت له يوماً من الأيام: رأيتك أيها الإمام أول ما رأيتك وأنت تطوف على المرضى في المسجد تعودهم وتمشي في السوق، فقال لي: هكذا كان آبائي كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وأنت يا أبا علي إنما عهدت الجبابرة الظلمة، يعني بني العباس.

  ولو رمنا تقصي أخباره لطال الشرح، وهي فضائل كلها، وأقام ثماني عشرة سنة مقيماً لأحكام كتاب الله وسنة نبيه ÷ ومعزّاً لدينه، وضرب باسمه الدينار والدرهم، وعمل الطراز. وكان قيامه سنة ثمانين ومائتين، وتوفي لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين.

[ذكر أيام المقتدر العباسي ومن بإزائه من أهل البيت (ع)]

  ثم قام بالأمر منهم: الملقب بالمقتدر، وهو أبو الفضل جعفر بن المعتضد، أمه: شعب أم ولد. بويع له لثلاث عشرة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين.

  تقلد الأمر وله ثلاث عشرة سنة؛ لأن مسلك القوم في الخلافة مسلك الملك لا مسلك الدين والإمامة، وليس العجب منهم، العجب من علماء السوء الذين شهدوا