كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الفقيه على من قال: إن أبا بكر أظهر الركاكة وجواب الإمام عليه]

صفحة 541 - الجزء 3

  فالجواب: أن هذا الكلام مع تزويره وقلة منفعته ووهن حجته قد أكثر الاعتماد عليه في رسالته، لغير ما سبب يوجب الكلام فيه، وقد كررنا الجواب عنه، وأنه لو كان إزراء على علي # في حكاية كونه مغلوباً لكان في حق النبي ÷، بل في كثير من الأنبياء أحق وأولى.

  وكيف يروي الفقيه أن النبي ÷ خرج من مكة ليلاً، متخفياً من أعداء الله تعالى ومعه رجل واحد؛ لئلا يعلم غيره فيختل الأمر، فلم يعلم - على مقتضى علته في الإمامة - أن ذلك على مذهبه يكون غاية الإزراء، ووسماً له بما لا يوسم به إلا أذل الأذلاء.

[جواب الفقيه على من قال: إن أبا بكر أظهر الركاكة وجواب الإمام عليه]

  ثم قال: «وأما قولك [أي محيي الدين]: وأظهر الركاكة في بعض مقاماته ومحاوراته، ورويت عنه الندامة، وكانت هنالك أمور حكايتها خطرة، وزعمت⁣(⁣١) أنه منعك عن ذكرها الدين، والخوف لرب العالمين، فكيف وأنت لم تخل من الكذب في رسالتك هذه في كل وقت وحين، ولو نقلت شيئاً صحيحاً مما نقمته على أبي بكر لأجبناك عنه، لكنك تقصد تنقيصه وأذاه بإيهام الباطل، مع دعواك التورع والنسك وأنت عن ذلك عاطل.

  وما أشبهك في تورعك هذا - مع ما سبق منك في رسالتك، ولحق من التهجين بالصحابة وإيذائهم، وحرصك على إسقاط منزلتهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره - برجل أتى إلى ابن عمر، فقال له: ما تقول في دم البعوض يصيب الثوب؟ فنظر إليه ابن عمر، وقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق؛ فالتفت إلى رجل كان إلى جانبه فقال: ألا تنظر إلى هذا، يسأل عن دم البعوض يصيب الثوب، وقد قتلوا ابن رسول الله ÷ يريد الحسين بن علي #(⁣٢)».


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) [أخرج حديث ابن عمر عندما سئل عن دم البعوضة وفيه: (هما ريحانتي من الدنيا): البخاري =