كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في سكوت علي # وأحقيته للخلافة وحاله في زمن الخلفاء]

صفحة 615 - الجزء 3

  يدخلها إلا من شاء سبحانه وهم الفساق والكفار.

  وإذا كان غرض الفقيه بهذا التحويم القول: بأنه تعالى يجوز أن يعاقب الأنبياء بعقاب الفراعنة، ويثيب الفراعنة والأباليس بثواب الملائكة والأنبياء، فكان ينبغي أن يصرح بما يعتقده، ليعرف الناس هذا المذهب الخبيث المخالف للعقول وأدلة الكتاب وكلام الرسول وما عليه الأمة، وكيف يكتم مذهباً خشية الفضيحة عند المخلوقين، ويجعله ذخيرة له ليوم الدين والعرض على رب العالمين.

[مناقشة الفقيه في سكوت علي # وأحقيته للخلافة وحاله في زمن الخلفاء]

  ثم قال: «قال القدري: وأما ادعاؤه أن علياً # لو تأخر من أخذ حقه لكان ذلك نقصاً، فقد أورد هذا الاعتراض بعينه إمامك معاوية في حديث طويل، زبدته ذكر أبي بكر وعمر وعثمان وتقدمهم على علي #، فقال: كلهم عاديت، وعلى كلهم بغيت، يُعرف ذلك من نظرك الشَّزْرَ⁣(⁣١)، وتنفسك الصعداء، في كل ذلك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى تبايع كارهاً، فأجابه أبونا وإمامنا علي # بجواب طويل، ومرادنا منه: (وأما ما ذكرت أني أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع كارهاً، فايم الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت، وأي عار على المؤمن أن يكون مظلوماً) والحديث يأتي⁣(⁣٢) مستقصى إن شاء الله تعالى.

  وقد قدمنا نظير هذا أن ذلك لا يلزم، ولو لزم لكان لرسول الله ÷ ألزم، ولو تفكر في هذا لعلم أن أهل الظلم أقوى من أول الزمان إلى يومنا هذا، وأنه جرى على الأنبياء والأئمة والفضلاء ما حكايته تطول، ولم يدل على قدح في حالهم، فكيف يكرر هذا الاعتراض الفاسد، ويعتذر بهذا العذر البارد، لولا


(١) الشزر: النظر بمؤخر العينين وأكثر ما يكون في حال الإعراض أو الغضب.

(٢) قد مر بالجزء الأول.