كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}]

صفحة 148 - الجزء 3

  وروينا عن عائشة ^ أنها قالت: السابق من مضى على عهد رسول الله ÷، والمقتصد من اتبع أثره من أصحابه، والظالم لنفسه فمثلي ومثلكم.

  وروينا عن ابن عباس ¥ أن النبي ÷ تلا هذه الآية ثم قال: كلهم في الجنة.

  وعن عمر وعثمان: أن الجميع ناجية.

  وعن ابن الحنفية: ظالمنا لنفسه مغفور له، ومقتصدنا وسابقنا في الدرجات العلى.

  وعن جعفر بن حرب: الظالم لنفسه بالصغائر، والمقتصد في الدرجة الوسطى، وسابق بالخيرات في الدرجة العليا.

  والمصطفون هاهنا هم أهل بيت محمد ÷، وإن كان ذلك مما يؤلم قلبك، ويسعر كربك⁣(⁣١)، فاصبر على الحزن الشديد أو مت؛ لأنه لا يطلق اسم إيمان ولا إسلام في أمة محمد ÷ إلا وهم سادتهم وقادتهم، وإنما يتبعهم من شركهم محبة لهم، فيلحق بهم، فأما يسبقهم فلا.

  وقد ذكر لفظ الاصطفاء، وهم المصطفون بالإجماع، والخلاف فيمن عداهم، وهم المقرونون بالكتاب في حديث الثقلين وغيره وهو مما لا خلاف في روايته.


= قال: فقلت: من يُبَيِّن للقوم يا بن رسول الله؛ فيمن نزلت؟

قال: نزلت والله فينا أهل البيت، نزلت والله فينا أهل البيت، نزلت والله فينا أهل البيت ثلاث مرات، فقلت: أخبرنا من الظالم لنفسه منكم؟ قال: الذي استوت حسناته وسيئاته، وهو في الجنَّة، قلت: والمقتصد؟ قال: العابد لله في بيته حتى يأتيه اليقين، فقلت: والسابق بالخيرات؟ قال: الذي شهر سيفه ودعى إلى سبيل ربِّه). انتهى من (شواهد التنزيل).

وعنه ÷: «السابق والمقتصد يدخلان الجنَّة بغير حساب، والظالم لنفسه يحاسب حساباً يسيراً ثم يدخل الجنَّة». أخرجه الحاكم عن أبي الدرداء. تمت (جامع صغير) للسيوطي.

نعم، وأمَّا ركن الدين فإنه جعل التقسيم للعباد، وقال: لفظ العباد هو الأقرب إلى الضمير، ولعمري إنه تأويل حسن، به يندفع ما يرد من أن الظلم ينافي الإصطفاء، هذا إن لم يعارض نصاً ..

وعنه ÷: «سابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له». أخرجه ابن مردويه والبيهقي عن أنس. تمت (جامع صغير).

(١) الكرْب: الحزن والغم يأخذ بالنفس.