كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أمر الفقيه بالفهم مع بعده عنه]

صفحة 152 - الجزء 3

  الأعظم، لأنه تعالى قال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ}⁣[فاطر: ٣٢]، ولم يذكره مطلقاً، ولا قال ظالم لغيره، على أنه يلزمه أن يكون ظلم بعض الأنبياء $ أعظم؛ لأنه قد ذكر مطلقاً، لأن يونس # نادى في الظلمات: {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ٨٧}⁣[الأنبياء].

  وإن أراد الفرق بين من نسب الظلم إلى نفسه من الأنبياء $ وبين من نسبه الله ø إليه.

  فالجواب: أن الكل صادق؛ لأن خبر الله تعالى صدق؛ لأنه حكيم لا يخبر بالكذب، لأن الكذب قبيح، وهو تعالى لا يفعل القبيح، وكذلك خبر النبي⁣(⁣١) ÷ صدق، لأنه رسول حكيم، لا يظهر المعجز ولا يتنبأ من يفعل الكذب؛ لأن تصديق الكاذب كذب، والكذب قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح، ولأن الله لم يعقبه بالإنكار، إن كنت ممن يعرف هذا المقدار، فأي فرج للفقيه في أي هذه الوجوه، بل على مذهبه الفاسد ينسد باب الاستدلال بالسمع، لأن عنده أن كل قبيح فالله تعالى خالقه ومحدثه.

[أمر الفقيه بالفهم مع بعده عنه]

  وأما قوله: «فافهم إن كنت ممن يفهم».

  فالجواب: أنه لولا نحن نفهم، وأنا ممن يفهم لما عرفنا كلام الفقيه، ومقداره فيه، وما يلزم له وعليه، وما أوردنا عليه، مما لا سبيل له إلى دفعه إلا بالمكابرة والعناد، ومخالفة العقول ومحكم الكتاب، وسنة الرسول ÷ بما بينا في رسالتنا هذه، لمن نظر في ذلك بعين البصيرة، وصفاء السريرة.

  فأما من ملأت بغضة أهل البيت $ قلبه، وشغلت خاطره ولبه، حتى صار يتعرض لما يزيل به مقامهم، ويزلزل به عن مراتبهم العالية أقدامهم، ولن يكون


(١) لفظة النبي هنا عامة لكل الأنبياء $.