[دعوى الفقيه عدم العصمة لأمير المؤمنين (ع) والرد عليها]
  الذين لَبَّسوا الأمور، وأوغروا الصدور، وألزموه # المحاربة والمقاتلة - فهذه الأمور ليس منها ما يؤذن بأنه # أتى بمعصية يستوجب بها ذماً ولعناً.
  ولو كان هنالك حكاية زلة أو غلط أو خطيئة، يحمل على أنه صغير لا يمنع من عصمته، كما لم يمنع ذلك في حق الأنبياء $، سيما مع ثبوت ما ورد فيه من النبي ÷ من طريق الفقيه بهاء الدين المتقدم ذكره، يبلغ به عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبو بلخ، قال: حدثنا عمر بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس ® إذ أتاه سبعة رهط فقالوا: يا ابن عباس إما أن تقوم معنا، وإما أن تخلو بنا عن هؤلاء، قال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم - وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى -.
  قال: فابتدروا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا؛ فجاء ينفض ثوبه ويقول: أفٍّ وتُفٍّ، وقعوا في رجل له عشر خصال(١)، وقعوا في رجل قال له رسول الله
(١) قال ¦ في التعليق: هذا حديث ابن عباس أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، والكنجي في مناقبه، وابن عساكر في (الأربعين الطوال)، والحاكم في (المستدرك)، وصححه وأخرج نحوه النسائي في خصائصه. وعنه ÷: «أعطيت فيك تسع خصال مخاطباً لعلي # إلى قوله ÷: فإنك لا ترجع بعدي كافراً ولا ضالاً. وأمَّا التي عليك فأخشى غدر قريش بك» ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى زين العابدين عن زيد بن أرقم من طريقين. تمت (مناقب). وقد تقدم أن علياً # أُلجيء إلى التحكيم مع أنه ليس التحكيم بخطأ وأنه مأمور بقتال الناكثين، ولعمر الله إنه إذا لم يقدح في العصمة إلا بمثل هذا إنه ممَّا يقوي ثبوتها، كيف وقد قال فيه رسول الله ÷: «يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله»، وهو بمنزلة هارون من موسى، ومن أهل آية التطهير، و «علي مع الحق والحق مع علي»، «ولن يدخلكم في ضلالة، ولن يخرجكم من هدى». وقد رواه الفقيه، وقد حمل الآية المذكورة هنا على مساواة ظاهره لباطنه، وغير ذلك ممَّا يقضي بعصمته، فتأمل. وقد تقدم من الأحاديث، وكذا ما رواه أحمد قال ÷ في علي: «إني لا أخشى عليه أن يعود كافراً بعد إيمان، ولا زانياً بعد إحصان» ما يقضي بعصمته. على أنه يأتي تأويل الفقيه لـ «من كنت مولاه ... إلى أخره»، بما يفيد عصمته؛ بل هو هي، لكنه كالمتعنت، بل قد مرّ له في تأويله لقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ} ... إلخ، ما يفيد ذلك.