كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان أن لعلي (ع) ما لهارون (ع) وتفسير: «إلا أنه لا نبي بعدي»]

صفحة 467 - الجزء 3

  داره، فإن هذا القول يفيد الشركة في الدار، ولا يفيد اتحاد أسباب الشركة، حتى أن الشركة لأحدهما قد تكون إرثاً، وللآخر هبة، وذلك لا يقدح في ثبوت سبب الشركة لاختلاف سبب الاستحقاق، كذلك هاهنا.

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: على أنه قد علق الكلام بحال الموت فقال: إلا أنه لا نبي بعدي، قلنا⁣(⁣١): قول النبي ÷: «لا نبي بعدي» أي لا نبي بعد نبوتي، ولم يرد به بعد موته، لأنه لا يجوز أن يكون نبياً في حياته ÷، كما لا يجوز في الشرع ثبوت نبوة نبي بعد وفاته، وإنما أراد النبي ÷ بقوله: «لا نبي بعدي» أن يحضهم على القبول منه والإستماع، وأخبر أنه لا نبي بعد نبوته، وأنه بموته ينقطع الوحي، وأراد أن يبين أيضاً أن علياً # ليست له درجة النبوة كما كانت لهارون، مخافة أن يتوهم متوهم من قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» أن له مرتبة النبوة، وإنما هو لأجل استخلافه على المدينة، كما استخلف موسى هارون على قومه عند خروجه إلى الطور⁣(⁣٢)».

  فالجواب: أن قوله: إن المراد بقوله ÷: «إلا أنه لا نبي بعدي» أي لا نبي بعد نبوتي - عدول عن الظاهر؛ لأن قول القائل: بعدي، إنما يفيد بعد موته على وجه الحقيقة، وإن جاز أن يراد به بعد حال من أحواله على وجه التوسع، والكلام من حقه أن يكون محمولاً على الحقيقة دون التوسع.

  ونحن وإن علمنا أنه لا نبي بعد نبوة رسول الله ÷ فظاهر اللفظ لا يفيد هذا، وإنما يفيد بعد موته ÷.

  وجواب آخر: وهو أن الخبر قد اقتضى بظاهره مشاركة أمير المؤمنين لهارون


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) قال ¦ في التعليق: يقال هذه المخافة: إنما نشأت من إفادة اللفظ عموم المنازل، فلذا استثنى النبوءة، ولو كان ليس المراد بوضعه إلا استخلافه على المدينة لكان الاستثناء على خلاف أصله من الاتصال، وهو لا يصح من غير دليل يضطر إليه، فتأمل.