كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على طعن الفقيه في الرواية وتأويل الأحاديث التي أوردها]

صفحة 591 - الجزء 3

  الناس؛ فإن صحت الرواية على هذا الوجه حمل على أنه كان في وقت يخشى # من إطلاقه، مثل ما يخشى من ادعاء الإمامة والنكير على من تقدم عليه فيها⁣(⁣١).

  يؤيد ذلك سائر الأخبار الدالة على أنه أفضل الصحابة مما ذكرنا، وما تركناه من ذلك أكثر وكلها مسندة موصلة إلى النبي ÷، ويكون مراده بخير الناس عند أكثر الناس، وهم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان.

  وكذلك قوله: لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن؛ فالمراد بذلك على القطع من غير تجويز ولا توقف، وذلك ليس بقولنا والحمد لله، وعلى أن هذه الرواية لو صحت حمل ذلك على ما قبل الأحداث التي غيرت وجوه حسناتهم.


(١) قال ¦ في التعليق: ليس علي بمظنة أن يكذب لمثل هذا ولم يبلغ الحال إلى أن يَسُوْغَ له هذا الكلام فالواجب رده أو حمله على أنه أراد التهكم بمن يرى فضل أبي بكر وعمر إن امكن مثل هذا وإلا قطع بكذبه ويكون مما شكا منه أبو جعفر وأشار إليه المدائني وقد مضى كلامهما في الجزء الأول بعد ذكر زيد بن علي #.

على أنه قد روي عن زين العابدين رد مثل هذا فإنه روى محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى حكيم بن جبير من طريقين أنه قال لعلي بن الحسين (انتم تذكرون أو تقولون إن علياً قال: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر وإن شئتم أن أسمي الثالث سميته). فقال علي بن الحسين فكيف أصنع بحديث أن رسول الله ÷ خلف علياً في غزوة تبوك وقال له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وقال فضرب علي بن الحسين بيده على فخذي ضربة أوجعتها ثم قال فمن هذا الذي هو من رسول الله ÷ بمنزلة هارون من موسى) انتهى.

فانظر إلى إنكار زين العابدين لهذا لما خالف الأقوى من حديث المنزلة وأنه استنبط منه أن يوجب مرتبة لعلي لا يبلغها غيره فكيف إذا عارض الخبر المعلومات تمت. والحمدلله رب العالمين.

وروى أيضاً بإسناده إلى علي بن عابس عن حكيم بن جبير قال قال علي بن الحسين (بلغني يا حكيم أنكم تحدثون بالكوفة أن علياً فضّل أبا بكر وعمر على نفسه قال قلت: أجل قال فهذا سعيد بن المسيب حدثني أنه سمع سعد بن أبي وقاص وهو يقول سمعت النبي ÷ يقول لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» فهل كان في بني إسرائيل بعد موسى مثل هارون فأين يذهب بكم يا حكيم) وهذا أصرح فيما أشرنا إليه من إفادة حديث المنزلة لجميع المنازل لا منزلة مخصوصة كما يقوله المنحرفون تمت. والله أعلم