[بيان مذهب الفقيه وحيله]
  للظالمين بالمرصاد، ولا يحسن هذا الدعاء من المجبرة القدرية الذين يعتقدون أن الله أوقعهم في المعاصي، وعاقبهم بالنار عليها، وخلقهم لها.
  فأقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: قد ترك هذا الرجل جواب رسالتنا ثلاثة أعوام، ثم جاء بشيء لم يترك أحداً من نبي أو صحابي أو مهاجري أو أنصاري، ممن عرض له ذكره إلا آذاه وسبّه، ولا أحد أجرى ذكره من أهل البيت إلا عجّزه وضعّفه، فياليتها تمت ليسلم منه السلف الصالحون والعترة المتقدمون، ولكني أقول كما قال، والله أعلم بالصادق منّا، ومن في ميدان المحال جال».
  فالجواب [المنصور بالله]: أن قوله هذا خلاف مذهبه، فلا يصح له الإلزام إلا بالخروج من مذهبه؛ لأن عنده أن الجولان هو فعل الله تعالى لا فعل العبد، ولأن ما حكاه من سبّ الأنبياء والصحابة والمهاجرين والأنصار فهو كذب خالص، يكافيه الله تعالى عليه في الآخرة إن لم يتب، ويمقته العقلاء في الدنيا.
  وأما جعله الصحابي غير المهاجري والأنصاري - فلا يصح له.
  وأما قوله: إنه عجّز أهل البيت وضعّفهم - فهذا أجلّ ما اعتمد عليه عند ذكرنا للأئمة $؛ طلباً منه للمغالطة عن الجواب؛ لأن نفسه إذا لم تساعده على محبتهم مطلقة، ولا جسر على إظهار بغضهم مطلقاً، جعل له طريقاً وهو أن القائل: بأنهم ظُلموا مُعَجِّزٌ لهم، ولا عتب على من ظُلم، ولم يجد ناصراً إلا الله تعالى، وهو للظالمين بالمرصاد.
  وكذلك جعل له حيلة ثانية وهو أنه متى ورد عليه ما يلزمه محبتهم علّقها بشرط صحة الاعتقاد، وعنده أن الاعتقاد الصحيح هو أن الله تعالى يخلق أفعال العباد الحسن منها والقبيح، وأنه تعالى يريد كل ظلم وقبيح وفحشاء ويخلقه لا خالق له سواه، وأن أولى الناس بالإمامة عنده بعد النبي ÷ بلا فصل أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي بعدهم، بالبيعة لا بالنص من الله تعالى.
  وجميع هذه الأمور لا يقول بها ولا بشيء منها على هذا الوجه أحد من أهل