كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر سبب كرب المتوكل لقبر الحسين بن علي (ع)]

صفحة 677 - الجزء 1

[ذكر سبب كرب المتوكل لقبر الحسين بن علي (ع)]

  وذلك أنه كرب⁣(⁣١) قبر الحسين بن علي @ وعفا آثاره، ووضع على طرق الزوار المسالح، ولا يجدون أحداً إلا جاءوا به فقتله أو نهكه عقوبة.

  وكان سبب كربه لقبر الحسين # أن بعض المغنيات كانت تبعث ببعض جواريها إليه قبل الخلافة فتغنيه إذا شرب، فلما ولي الخلافة بعث إلى تلك المغنية؛ فَعُرِّفَ أنها غائبة، وكانت قد زارت قبر الحسين # وبلغها خبره، فأسرعت الرجوع وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها فقال: أين كنتم؟ قالت: حجت مولاتي وأخرجتنا معها، وكان ذلك في شعبان، قال: إلى أين حججتم في شعبان؟ قالت: إلى قبر الحسين بن علي، فاستطير غضباً وأمر بمولاتها فحبست واصطفى أملاكها وبعث برجل من أصحابه يقال له الديزج - كان يهودياً فأسلم - لكرب قبر الحسين # وهدم المنازل التي حواليه والبنيان الذي عليه؛ ففعل ذلك؛ فلما دنا من القبر هابه الناس فأمر بجماعة من اليهود فأمرهم بهدمه وكربه وكرب حواليه قدر مائتي جريب وأجري الماء عليه ووكل به مسالح وجعل بين كل مسلحتين ميلاً ولا يزوره زائر إلا أخذ ووجه به إليه - لعنه الله -.

  وحكى أبو الفرج رفعه إلى محمد بن الحسين الأشناني، قال: بَعُدَ عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها فساعدني رجل من العطارين على ذلك، فخرجنا زائرين حتى أتينا نواحي القاصرية، وخرجنا منها نصف الليل فصرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا.

  فجعلنا نتنسمه ونتحرى جهته حتى أتيناه وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق وأجري عليه الماء فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق فزرناه وأكبينا عليه فشممت منه رائحة ما شممت مثلها لشيء من الطيب؛ فقلت


(١) الكرب إثارة الأرض للزرع. انتهى أفاده القاموس.