كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام فقيه الخارقة حول السنة والجماعة والجبرية وبقية المفاهيم والرد عليه]

صفحة 37 - الجزء 2

  وأما قوله: «إنهم أحسن خلقاً منه» فإن أراد أبلغ في الحكمة فأفعاله سبحانه حكمة بخلاف أفعال خلقه؛ لأن في أفعاله الحكمة البالغة فكيف يقول ذلك.

  وإن أراد أنفع من الأجسام فضلال بعيد، ولولا الأجسام لما أمكن الاستدلال على الصانع الذي معرفته أفضل التجارة والسعادة والخلود في دار الكرامة - فأي نفع أعظم من هذا وسائر الأفعال؛ لأنها تبلغه دار القرار وبها مع رحمة الله ينجو من النار؛ فما هذا الاشتغال بألفاظ لا طائل تحتها؟!

  وأما ما كرره من التكذيب ورَمْيِ العدلي بالزندقة، وبأنه قدري فهذا أمر لا يحسن من أهل الدين فعله، ونرى أن لا جواب عنه إلا الإعراض.

  وأما قوله: «شهد النبي ÷ بأنهم مجوس هذه الأمة».

  فالجواب: أنا قد بينا مَنِ المجوسي في هذه الأمة على الحقيقة ومن شارك المجوسي في أقبح طريقة، ومن نهى رسول الله ÷ عن مجالسته وما الوجه في جميع ذلك؟ بما لا طائل في إعادته.

  وأما إعادته أن العباد يفعلون أفعالهم.

  فالجواب: ما قدمنا من أنه ذم الجهمية حيث نفوا أفعال العباد عنهم، ثم ذم بعد ذلك من قال: إنهم فاعلون لها، وهذه منه تخاليط لا يفعلها إلا جاهل أو متجاهل، وعلى أنا قد دللنا على أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى، وسيأتي مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى.

  وأما قوله: «فنحمد الله على الأيادي السوابغ ...» إلى آخر ما حكيناه عنه من الفصل.

  فالكلام عليه مثل ما تقدم: من أن الحمد إنما يجب مع اعتقاد أنه سبحانه فَعَلَ الأيادي منعماً بها، ومُعَرِّضاً بها لنعم الآخرة، وقاصداً بها الإنعام؛ فأما عند المجبرة القدرية فلا أمان لهم على مقالتهم الشنيعة أن يكون تعالى قصد بالنعم استدراجهم إلى الهلاك والعطب، وبالتكليف الوصول إلى نار جهنم بل قد صرح بذلك في رسالته.