[ترتيب هارون الرشيد لطبقات المغنين]
  فقال: يابن اللخناء أردت أن تسمع العامة أنك أطربتني، وأني حكمتك فأقطعتك، لولا بادرة جهلك التي غلبت على صحيح عقلك لضربت الذي فيه عيناك، ثم سكت هنيهة، قال إبراهيم: فرأيت ملك الموت واقفاً بيني وبينه ينتظر أمره، ثم دعا إبراهيم الحراني، وقال: خذ بيد هذا الجاهل فأدخله بيت المال فليأخذ منه ما شاء؛ فأخذ بيدي حتى دخل بي بيت المال.
  فقال: كم تأخذ؟
  فقلت: مائة بدرة.
  فقال: دعني أؤامره.
  فقلت: تسعين.
  قال: حتى أؤامره.
  قلت: ثمانين؛ قال: فلا بد من مؤامرته؛ ففطنت عند ذلك لغرضه؛ فقلت: آخذ سبعين لي وثلاثين لك، قال: فشأنك، فانصرفت بسبعمائة ألف، وانصرف ملك الموت من الدار؛ فهذا الإمام الذي كان هادياً بزعمهم، وإماماً للأمة.
  فأين هو من هادينا يحيى بن الحسين عليه الصلاة والسلام الذي كان يقول: لكل شيء ضد وضد حياتي المعاصي.
[ترتيب هارون الرشيد لطبقات المغنين]
  وكان هارون يتحرك للمغنين الحركتين، وهو الذي رتب طبقات المغنين، واختار الأصوات، ومثل فعله يحكى عن أزدشير بن بابك، وأنو شروان؛ فجعل الطبقة الأولى: ابن جامع، وإبراهيم، وزلزلاً، فزلزل يضرب ويغني عليه الآخران، والطبقة الثانية: سليم بن سلام، وعمر الغزالي، ومن أشبههم، والطبقة الثالثة: أصحاب الريح والمعازف والطنابير، وعلى قدر ذلك كانت تخرج جوائزهم وصلاتهم.
  وكان إذا وصل واحداً من الطبقة الأولى بالمال الكثير جعل لصاحبيه الذين