كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ترتيب هارون الرشيد لطبقات المغنين]

صفحة 179 - الجزء 2

  فقال: يابن اللخناء أردت أن تسمع العامة أنك أطربتني، وأني حكمتك فأقطعتك، لولا بادرة جهلك التي غلبت على صحيح عقلك لضربت الذي فيه عيناك، ثم سكت هنيهة، قال إبراهيم: فرأيت ملك الموت واقفاً بيني وبينه ينتظر أمره، ثم دعا إبراهيم الحراني، وقال: خذ بيد هذا الجاهل فأدخله بيت المال فليأخذ منه ما شاء؛ فأخذ بيدي حتى دخل بي بيت المال.

  فقال: كم تأخذ؟

  فقلت: مائة بدرة.

  فقال: دعني أؤامره.

  فقلت: تسعين.

  قال: حتى أؤامره.

  قلت: ثمانين؛ قال: فلا بد من مؤامرته؛ ففطنت عند ذلك لغرضه؛ فقلت: آخذ سبعين لي وثلاثين لك، قال: فشأنك، فانصرفت بسبعمائة ألف، وانصرف ملك الموت من الدار؛ فهذا الإمام الذي كان هادياً بزعمهم، وإماماً للأمة.

  فأين هو من هادينا يحيى بن الحسين عليه الصلاة والسلام الذي كان يقول: لكل شيء ضد وضد حياتي المعاصي.

[ترتيب هارون الرشيد لطبقات المغنين]

  وكان هارون يتحرك للمغنين الحركتين، وهو الذي رتب طبقات المغنين، واختار الأصوات، ومثل فعله يحكى عن أزدشير بن بابك، وأنو شروان؛ فجعل الطبقة الأولى: ابن جامع، وإبراهيم، وزلزلاً، فزلزل يضرب ويغني عليه الآخران، والطبقة الثانية: سليم بن سلام، وعمر الغزالي، ومن أشبههم، والطبقة الثالثة: أصحاب الريح والمعازف والطنابير، وعلى قدر ذلك كانت تخرج جوائزهم وصلاتهم.

  وكان إذا وصل واحداً من الطبقة الأولى بالمال الكثير جعل لصاحبيه الذين