[بحث في مكارم الأخلاق]
  فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}[طه]، {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى ٢٠ فَكَذَّبَ وَعَصَى ٢١}[النازعات]، وقال: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَامُوسَى ٥٧}[طه].
  وكذلك في قصص سائر الأنبياء À كهود وصالح ولوط وشعيب ما يعرف به الفقيه الفرق بين سيرة الأنبياء $ وبين سيرة كبار الكفار الذين هم قادة أهل النار، ولكل سلف خلف.
  والعجب ممن يدعي أنه صاحب حق، داع إلى رشاد، وقد خالف طرائق الأنبياء $! بل أظهر من شرس الأخلاق والغلظة وقساوة الطبع ما لعل رجال العناد المتقدمين لم يبلغوا إليه مع جمعه مع ذلك لخبائث المذاهب التي لو أضيفت إلى فقيه لكان في ذلك أوْفَىَ سُبَّة؛ فكيف يفرد بذلك رب العالمين، وأحكم الحاكمين - تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
  وأما حكمه على من لم يشاهده ولم يختبر حاله، بأن غرضه الإفحام دون الإعلام، والإلزام دون الاستعلام، وقبل ذلك وبعده كل قول عابه أو مذهب ذمه فهو - على أصله الفاسد - قول الله تعالى وفعله؛ لأنه لا فعل للعباد عنده ولا قول؛ فكيف يذم فعل الله، أو يعيب صنعه؟! ولو أضيف إليه ما أضاف إلى ربه لطار غيظاً وأبى ذلك أشد الإباء، ولو قيل لفقيه الخارقة: أنت الذي تجمع بين الزاني والزانية، لقال: جعلتموني قواداً، وحشر ونادى، ولو قيل له: كل ما يُفْعَل في البلد من زنا أو شرب أو سرق أو كذب أنت راض به ومريد له؛ لأنكر أشد الإنكار، وقال: أرضيتم لي أن أكون راضياً بفعل الأشرار.
  ونقول في الجواب: إنه قطع بغير يقين، بل ترجيم بالظنون، وقد قال ø: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}[الإسراء].