[افتراق الناس في حكم الثلاثة]
  الجهاد بالنفوس والأموال، والنصيحة للدين وأهله في تلك الأحوال، ولو علمنا كونها كبائر محبطة لتلك الأعمال الصالحة، والمساعي الحميدة أجرينا عليهم أحكام أهل الكبائر من الفساق أو ما بلغت به معاصيهم، وما يجب من الاستحقاق، لكن وقفنا حيث أوقفنا الدليل، ولم نعمل فيما خبط فيه الفريقان:
  أحدهما: من تعجل تكفير الصحابة، وادعاء أنهم خالفوا بعلم يقين، وأنه ما غبي عنهم أن علياً # هو الإمام المفترض الطاعة، وأنهم عرفوا قصد النبي ÷ بالنصوص على إمامته ضرورة؛ فجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً.
  والفريق الثاني: من هوّن الخطب في تقديم المشائخ عليه وصوبهم فيما فعلوا من ذلك من غير نظر في الأدلة الدالة على إمامته # من الكتاب والسنة، وهلك الناس بين الإفراط والتفريط، وهذا حكم من اتبع الأهواء، وباع الدين بالدنيا، وقصر في النظر فيما يجب عليه، والتحكيم لأدلة الله تعالى وبيناته؛ فما في هذا من انتقاص يوجب السب لقائله لولا قلة المبالاة بالدين.
  وأما قوله: «ادعى الإمامة، وانتصب للزعامة، أو لانتسابه إلى خاتم النبيين».
  فالجواب: أنه أراد أن يذم فمدح، وأن يفضح فافتضح، وما على المرء من عار إذا قام لحماية سرح الإسلام من سباع الضلال، فارتقى إلى أشرف الخلال، وأرضا بذلك ذا الجلال، واتبع ما أمره به جده رسول الله صلى الله عليه وآله خير آل(١).
  وكذلك قوله: «وانتسب إلى خاتم النبيين» فنعم الانتساب إلى خير نسب،
(١) قال ¥ في التعليق: أخرج الإمام أبو طالب # عن علي # قال: قال رسول الله ÷: «أقرب الناس موقفاً يوما القيامة بعد حمزة وجعفر رجل منَّا أهل البيت خرج بسيفه فقاتل إماماً جائراً فقتل». تمت. وأخرجه الموفق بالله # بسنده إلى زيد بن علي # بنحوه. تمت.