كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نموذج من جهل الفقيه بالناسخ والمنسوخ]

صفحة 209 - الجزء 2

  القتل، وإتلاف النفس، وليس للفقيه فرج في شيء من ذلك؛ لأن البيان باق بحاله في الوجوب، والغلظة على أهل العناد انتقلت إلى أشد منها، وهو الجهاد بالسيف.

  وأما قوله: «وكيف يعرف الناسخ والمنسوخ من القرآن من يجهل فضل أبي بكر وعمر وعثمان».

  فالجواب: أن معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن يحصل بمعرفة التاريخ بينهما بعد معرفة ذاتيهما وحكميهما فيعمل بمقتضى الشرع فيهما، وليس لذكر المشائخ بذلك تعلق إلا أن يريد أن الأخبار وردت بفضلهم وأنه لم يرد لذلك نسخ؛ فالجواب: أنا لا نرى أنه ورد نسخ يوجب بغضهم ولا إبطال شيء من مساعيهم الحميدة، خلاف ما يدعيه جهال الإمامية، وإنما الشأن ما كررناه مراراً من حفظ تلك الأعمال الصالحة من الإحباط والإبطال، والمحافظة على العمل أشد من العمل، قال الله عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ... الآية}⁣[فصلت: ٣٠]، فكيف يتعثر على السواء، ويخبط خبط العشواء.

  وأما قوله: «ولقد كان ينبغي على قولك أن تعرض بإمامك عن أذى أبي بكر وعمر؛ لأنهما عنده من الجاهلين؛ فقد جهلهما في رسالته في نثره ونظمه، ولم يعلم ما لهما عند الله من المنزلة الرفيعة في سابق حكمه؛ فهما عند الله وعند رسوله من الفضلاء السابقين، وعند إمامك هذا من الأغبياء الجاهلين».

  فالجواب عنه: مثل ما تقدم من أنا ما جهلناهما حيث عَلِمَا، ولا خطأناهما حيث ثبتا على الحق وحكما، بل عرفنا فضلهما السابق على كثير من الصحابة لولا ما ابتزاه من الأهل والقرابة من الحق الذي شهدت له الأدلة والبراهين؛ فصيرنا أمرهما إلى رب العالمين حيث طرأ منهما ما كدر النفوس، ولا يؤمن معه الإحباط للحسنات المتقدمة، ووقفنا عند الدليل على ما سبق مكرراً.

  وأما قوله: «ولم يترك إمامه جواب الرسالة حلماً ولا اختياراً، ولكن ترك