[معاني القدر]
[معاني القدر]
  وكذلك فالقدر ينقسم إلى ثلاثة معان:
  أحدهما: بمعنى الخلق على مقدار معلوم في الحكمة، يحكيه قول الله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ٢}[الفرقان]، وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ٤٩}[القمر]، معناه: على مقدار معلوم في الحكمة.
  وثانيها: بمعنى الإخبار، وبيان الحال، يحكيه قوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ٥٧}[النمل]، معناه: بينا حالها.
  وثالثها: بمعنى الكتابة، كما قال العجاج:
  واعلم بأن ذا الجلال قد قدر ... في الصحف الأولى التي كان سطر
  أمرك هذا فاجتنب منه التبر
  معناه: كتب في الصحف.
  والخلاف واقع في أنه تعالى قد قدرها بمعنى خلقها في العصاة أم لا؛ فعندنا: لا يجوز ذلك، وقد بينّاه فيما تقدّم.
  وعندهم ذلك ثابت، ونحن لا نجوّز إطلاق هذه العبارة فنقول المعاصي بقضاء الله وقدره؛ لأن ذلك يوهم أنه تعالى خلقها وأمر بها، وذلك باطل كما قدمنا.
  وبعد ذلك فما ورد في الكتاب الكريم والسنة الشريفة في ذكر القضاء والقدر وجب حمله على ما دلت الدلالة على حمله عليه، ولم يجز إطلاقه بما يوهم الخطأ وهو حمله على ما لا يجوز، وكذلك لا يجوز حمل اللفظ على الأمر والإلزام لأن في ذلك مخالفة الكتاب الكريم والسنة الشريفة، ومخالفة الصحابة والتابعين ومن وافقهم من علماء المسلمين، وأنا أذكر من ذلك ما يتعلق بهذا الجواب إن شاء الله تعالى.