كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على أدلة الفقيه في القدر]

صفحة 238 - الجزء 2

[الرد على أدلَّة الفقيه في القدر]

  وأما ما رواه من الأخبار عن الصحيحين، وحكى طريق روايته عن مسلم، والراوي عنه محمد بن سفيان، وكذلك روايته عن البخاري، وأحد شيوخه عنه محمد بن يوسف فالكلام عليه: أنا لا نمنع من رواية هذين الكتابين لمن بلغ إسناده بهما، وصحَّت روايته عنهما إن كان لا يستجيز شيئاً من الكذب الذي يقدح في صحة العدالة، ويمنع من الثقة في الرواية؛ فإن كان الفقيه باقياً على جواز شيء من الكذب انتظمته هذه الجراحات المثخنة، وإن عدل إلى قبح الكذب ممن كان، وأنه قبح لكونه كذباً صحت له دعوى الرواية، ولم ننازعه في ذلك.

  فأما شيوخ هذين الشيخين - يعني مسلماً والبخاري رحمهما الله - فمشهورون معروفون عند أهل النقل ما نعلم من أحد منهم ما تفوه به الفقيه من مذهبه أن من الكذب ما يجوز، ونحن نروي هذين الصحيحين بطرق قد أودعنا رسالتنا الأولى بعض تلك الطرق، ولعلنا نعيد له ذلك أو شيئاً منه أو ما يزيد عليه مما صح لنا بحسب ما يمكن إن شاء الله تعالى.

[الكلام على الخبر الأول عن ابن مسعود]

  فأما الخبر الأول الذي بلغ فيه إلى عبدالله بن مسعود، قال: حدثنا رسول الله ÷ وهو الصادق المصدوق: «أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل عليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: يكتب أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».