[الدليل على أن العلم لا يؤثر في حصول المعلوم]
  بأن زيداً يدخل الدار غداً، وأعلم غيره بذلك لم يصح وصف علمه بأنه سائق لزيد إلى الدخول، ولا ينسب دخوله إلى من علم وقوعه بوجه من الوجوه؛ لأن العلم يتعلق بالمعلوم على ما هو به.
  وفي هذا المعنى ما روي عن عبدالله بن عمر ¥ أنه قال: قال رسول الله ÷: «مثل علم الله فيكم مثل السماء التي تظلكم والأرض التي تقلكم؛ فكما لا تخرجون مما بين السماء والأرض لا تخرجون من علم الله، وكما لا تحملكم السماء والأرض على الذنوب لا يحملكم علم الله عليهما».
  ومما يبين لك أن العلم ليس بموجب للمعلوم أنه لو كان موجباً للمعلوم للزم أحد محالين: أحدهما: أن الله تعالى لما كان عالماً فيما لم يزل بعلم قديم - على مذهبك أنه يوجب المعلوم - وجب أن يوجد العالم فيما لم يزل، ويكون العالم قديماً، وذلك محال.
  وإما أن يكون تعالى عالماً بعلم محدث يوجب حدوث العالم عند وجوده، وذلك محال آخر، ولا مخلص من هذين المحالين إلا القول بأن العلم غير موجب للمعلوم.
  وأيضاً فلو كان العلم موجباً للمعلوم وقد يشترك العالمون في العلم؛ فتكون علومهم موجبة لوجوده، ويكون مضافاً إلى جميعهم؛ لأن الموجبات لا تختلف في إيجابها بالفاعلين، وإلا جاز أن(١) يتحرك الجسم بحركة وسكون من زيد
(١) قال ¦ في التعليق: اعلم أن هذا البحث فيه إبهام وتعقيد لا يعلم المعنى المراد إلا بتكلف وتقدير ألفاظ؛ فالمسألة أن المجبرة قالوا: إن علم الله سابق إلى المعلوم من أفعالنا فيكون مؤثراً فيه؛ والجواب: أنه يلزم في أفعاله أن يكون علمه مؤثراً فيها فيخرج عن كونه فاعلاً مختاراً، والمجبرة لا يقولون به.
ثانياً: أنه يلزم أن تكون علوم العباد كذلك مؤثرة في المعلومات؛ لأن المجبرة تقول: إن علم الله عرض فتكون علوم العباد كعلمه في التأثير لتماثل الأعراض في الذاتية، وشأن التماثل بين الأشياء في الذاتية الاتفاق في وجوب ما يجب لها، وجواز ما يجوز، واستحالة ما يستحيل، ألا =