[الدليل على أن العلم لا يؤثر في حصول المعلوم]
  للإحداث، وأنه تعالى يقسم الأرزاق على الضيق والسعة، ويعدل فيها بحسب المصالح، وأنه سبحانه يكتب الأعمال، ويأمر الملك بكتبها، وكذلك الشقاء والسعادة؛ لأنه سبحانه وتعالى عالم بجميع المعلومات المعدوم منها والموجود، والحسن منها والقبيح، والطاعة منها والمعصية؛ لأنه سبحانه عالم لذاته فيجب أن يعلم جميع المعلومات؛ لأن ذاته مع المعلومات على سواء، بخلاف العبيد فإنهم عالمون بعلوم محصورة، والمعلومات تنحصر بانحصار العلوم، ولهذا قلنا: لا يجوز أن يكون تعالى عالماً بعلم يعلم به؛ لهذه العلة، وهي انحصار معلوماته، أو يعلم بعلوم لا نهاية لها، وذلك باطل عند الجميع؛ لأنها إن كانت قديمة كانت أمثالاً له سبحانه، وإن كانت محدثة فذلك باطل؛ لأن حدوث ما لا يتناهى في أوقات متناهية محال، ولأن العلم لا يحدثه إلا من هو عالم فيقف كل واحد منهما على الآخر وهو باطل، فصح لك بما ذكرنا أن الله تعالى عالم بكل شيء على الوجه الذي هو عليه دون أن يعلم الشيء على غير ما هو عليه؛ لأن ذلك يكون جهلاً تعالى الله عنه، ولعل المخالف يريد أن علم الله تعالى والكتابة وما في معناها هو الذي أوجب حصول المعلومات على ما هي عليه، ولهذا عقبه بما في آخر الخبر على ما سنذكره إن شاء الله تعالى؛ فإن أراد ذلك فهو باطل لما قدمنا من أن العلم لا يؤثر في المعلوم، وإنما يتعلق به على ما هو عليه(١).
[الدليل على أن العلم لا يؤثر في حصول المعلوم]
  والدليل على ذلك وجوه:
  منها: أن العلم كالرؤية في هذا الباب؛ فإن الرائي إذا رأى الشيء يرى الشيء على ما هو به، وكذلك العالم؛ فكما أن الرؤية لا توجب المرئي، ولا تسوق الرائي إلى حصول الشيء لأجل الرؤية فكذلك العلم، ولهذا فإن النبي ÷ لو علم
(١) به (نخ).