[الأدلة على أن أفعال العباد منهم]
  قد سبق؟ فقد بينا معنى القضاء، وأنه على ثلاثة معان: أحدها: يصح إضافة أفعال العباد إليه تعالى بالإجماع وهو القضاء بمعنى العلم والإعلام، وهو في قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ٤}[الإسراء]، معناه: أعلمنا وأخبرنا.
  وثانيها: بمعنى الأمر والإلزام، وهذا المعنى لا يصح إضافة أفعال العباد إليه تعالى بالإجماع، وقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٢٨}[الأعراف].
  وثالثها: بمعنى الخلق والتمام، وهذا هو الذي وقع فيه الخلاف، هل تضاف أفعال العباد إلى الله تعالى منه أم لا؛ فعند الجبرية القدرية تضاف جميع الأفعال الحسن منها والقبيح إلى الله تعالى بمعنى أنه خالقها ومحدثها ومنشئها لا فاعل لها سواه تعالى.
[الأدلة على أن أفعال العباد منهم]
  وعندنا وأشياعنا وأتباعنا من أهل العدل: هي أفعال العبيد؛ فالطاعة فعل المطيع والمعصية فعل العاصي، ولهذا تقف هذه الأفعال على قصودهم ودواعيهم؛ فمتى أرادوا حصولها حصلت، ومتى كرهوا حصولها لم تحصل، فلو كانت فعله لجرت مجرى الصور والألوان التي لا تقف على اختيار العبيد ولا إرادتهم.
  والوجه الثاني: أن هذه الأفعال تقف على قُدَرِ العباد، تقل بقلتها، وتكثر بكثرتها فيجب أن يكون لها تأثير في الأفعال، وبطل أن تكون موجبة فلم يبق إلا أن تصح بها الأفعال، وتجري القدر مجرى الآلات للفاعلين من الخلق.
  والوجه الثالث: أنه يحسن الأمر ببعضها، والنهي عن بعضها، ويتوجه المدح على بعضها، والذم على بعضها، فلو كانت من الله تعالى لما حسن فيها شيء من ذلك كما في الألوان والصور، والطول والقصر، والذكورة والأنوثة، وجميع ما يفعله تعالى، وأنه لا يستحق العبد عليها شيئاً من هذه الأحكام.
  والوجه الرابع: أن في أفعال العباد الظلم والعبث والسفه والكذب؛ فلو كان