[بيان معاني القضاء]
  فالكلام في تفصيله: كما قدمنا من الوجوه الجائزة.
  وكذلك قوله: وجرت به المقادير؛ فقد بينا أن القدر بمعنى الكتابة، وهو ظاهر في اللغة من قول العجاج:
  واعلم بأن ذا الجلال قد قدر ... في الصحف الأولى التي كان سطر
  أمرك هذا فاجتنب منه التبر
  معناه: كتب، وقد بينا أن الكتابة لا توجب حصول الأفعال ولا انتفاءها، وأوضحنا ذلك فيما سبق؛ فليس لهم هاهنا فرج في إضافة قبائح العباد ومخازيهم إلى رب العالمين، وتنزيه الفسقة والمردة عنها والشياطين على ما يزعمه المجبرة القدرية.
  وأما قوله: اعملوا فكل ميسر؛ ففيه تحقيق أن العبد فاعل لفعله؛ لأنه قال: اعملوا، ولم يقل: يعمل الله ø، وقوله: ميسر؛ فقد بينا معناه فيما سبق، وأن الله تعالى فعل مع الكافر والفاسق فيما يتعلق بالتكليف مثل ما فعل مع المؤمن، ولم يقع الفرق إلا أن المؤمن أحسن الاختيار لنفسه والعاصي أساء الاختيار لنفسه.
[الكلام على الخبر السادس عن عمران]
  وأما الخبر السادس عن عمران بن الحصين بعد حكايته مع أبي الأسود الدؤلي أن رجلين من مزينة أتيا رسول الله ÷ فقالا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق، أم فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا، بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨}[الشمس].
[بيان معاني القضاء]
  فالكلام منه مثل ما تقدم؛ لأن قوله: أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر