[حوار حول آية المودة ودعوى الفقيه أنه يحب أهل البيت]
  ثم كذلك الكلام في بني العباس، وقد كان من كلامه - أعني الفقيه - أنه يحب من تقدم من الذرية دون من تأخر، فلا أحبَّ المتقدم ولا رعى حرمة المتأخر.
  وقوله: «من كان على مذهبهم من أولادهم أحبهم إلى أن تقوم الساعة» وما الذي يبعد أولادهم المتمسكين بالدين من مذهبهم؟! أيجهلون مذهبهم؟! فالولد أعرف بما عليه الوالد، أم بغاضتهم لآبائهم؟! فمحبة الولد للوالد والوالد للولد غريزية معروفة حتى في البهائم والسباع، أم لقلة أنسهم بهم؟! فلا آنس من والد بولده، وولد بوالده، ما هي الطريقة المعقولة التي تباعد أولادهم عن اتباعهم؟! ألم تعلم أنها ذرية بعضها من بعض؟! ألم تعلم أن شهادة الصادق المصدوق قائمة بأنهم لا يفارقون الكتاب إلى ورود الحوض؟! وهو إنما يكون بعد زوال التكليف بمدة، أفليس قد شهدت الآثار المتظاهرة على أنهم عترته أهل بيته، ودعا لهم أن يذهب الله عنهم الرجس ويطهرهم تطهيراً، ودعوته لا ترد؟ وقد أخبر تعالى أنه ألحق بهم ذرياتهم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الطور: ٢١]، وقد اتبعتهم ذريتهم بإيمان، وركبوا أطراف السيوف ورؤوس المران، منكرين على أئمة الظلم وحزب الشيطان، الذين اتخذوا دين الله لهواً ولعباً، وأعانهم على ضلالهم من علماء السوء قوم آخرون فقد جاءوا ظلماً وزوراً.
  وعلى التحقيق أنك لم تحبهم مرة؛ لأن علياً # أظهرتَ من مدائح عدوه وعدو الله تعالى وعدو رسوله ÷ معاوية ما قدرت عليه، وتورعت من لعنه وسبه مع لعنه لعلي #، وكذلك الحسن أوجبت لمعاوية الحق عليه، ويزيد الخمور تشككت في أمره لفرط الورع! وهكذا الحديث فيمن بعدهم إلى يومنا؛ فمتى أحببتهم؟ ومن أي وقت فأخبرنا؟ ما الحال في الأول والآخر عندك إلا واحد.
  وقوله: «وأنت أيها الرجل وفرقتك مخالفون لهم في الاعتقاد، وقد سمعت ما روينا عن علي # في ذكر الشقاوة والسعادة، ولست تقول به ولا أحد من فرقتك».