كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الحوار حول محبة أهل البيت (ع)]

صفحة 343 - الجزء 2

  وأما قولك: لم يمنعك من محبة أولاده إلا أنهم لم يتبعوه، والمحبة لا تكون إلا بالإتباع، فإحدى المقدمتين مسلَّمة أنه لا يجب الحب إلا بالاتباع.

  فأما أن أهله لم يتبعوه فغير مسلَّم؛ لأنه قد أخبر ÷ أنهم يتبعونه ولا يفارقون كتاب الله تعالى إلى ورود الحوض، وأنهم سفينة نوح العاصمة، وهو عندنا أصدق من الفقيه ومن غيره من الخلق، وإن كانت لفظة (أفعل) لا تستعمل⁣(⁣١) بينهما! ولكن ألجت ضرورة المحاورة إلى ذلك، وقد صرت تزاوج بين الجهلين فانظر نتيجة الجهل ما هيه؛ لأنك قلت: ما منعك من حب أهل البيت إلا أن المتأخرين منهم لم يتبعوا النبي ÷، واتباع النبي ÷ عندك الثبوت على مقالتك الفاسدة، فهذا بناء جهل على جهل، المتأخرُ من صالحي أهل البيت $ لم يخالف الأول، ولا يخالفه إلى انقطاع التكليف بشهادة الصادق المصدوق، خلاف قولك: قد بينا.

  وقد رأيت الإسناد الذي حققنا لك عن الطاهرين الناشئين في حجور الطاهرات؛ لأنا نعرفهم جملة وتفصيلاً، وتفصيل أقوالهم ومبلغ أعمارهم وعلل موتاهم، وأسباب قتلاهم، ومواضع قبورهم، وأولياءهم في كل وقت وأعداءهم⁣(⁣٢) في كل وقت إلى يومنا هذا؛ فمن أولى بهم في دينهم؟ وما سبب الخلاف بين الفريقين؟ والمفرق بين الأئمة الهادين كالمفرق بين النبيين.

  ومثل مقالة الفقيه - أبقاه الله! - قالت اليهود والنصارى لأنهم قالوا: نتبع من سبق من الأنبياء وتقدم دون من تأخر؛ فلم يغن عنهم شيئاً من عذاب الله ø؛ لأنها ذرية طيبة بعضها من بعض، ولم تخالفها أولادها من علي # إلينا، ولا اختلفت في ذات بينها، بل آخرها يشهد لأولها بوجوب الاتباع والطهارة، وأولها يوصي بوجوب اتباع آخرها، وشيعتها في جميع الأحوال باذلة لأرواحها


(١) لأنها للتفضيل، وهو لا يكون إلا مع الاشتراك في الصفة.

(٢) في بعض النسخ: أعدادهم.