كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[اعتراف أئمة المجبرة ببطلان مذهبهم]

صفحة 368 - الجزء 2

  وأما أنها تصلح للضدين؛ فلو لم تصلح إلا لفعل واحد لقدرنا أن أحدنا يقدر على المشي مائة ألف فرسخ يمنه ويحمل بُهاراً⁣(⁣١) من حديد، ولا يقدر بدلاً من ذلك أن يمشي يسرة ذراعاً، ولا يحمل مناً⁣(⁣٢) ولا إبرة، ومعلوم خلاف ذلك، وهذه جمل لعلك ترى تفصيلها عند الحاجة إلى ذكره إن شاء الله تعالى.

  وأما قوله: «إنهم يطيعونه قهراً، ويعصونه جبراً، وهذا اعتقاد هذا الرجل وفرقته».

  فالجواب: أن هذه من جملة حكاياته الباطلة؛ فإنا لا نقول: إن العباد يطيعونه قهراً ولا يعصونه جبراً، بل هذا صريح مذهب المجبرة القدرية الذين يقولون: إن الله تعالى يخلق الطاعة في بعض العبيد، وليس لهم فيها اختيار، وهذا هو معنى القهر، ويقولون: إن الله خلق المعصية في بعضهم وليس لهم عنها انفكاك ولا زوال، وهذا معنى الجبر؛ فكيف يرمي أهل العدل بدائه، ويقول: هذا اعتقاد هذا


= الفعل مذهب لا يرتضيه لنفسه عاقل.

ولذا شهد إمامهم الرازي على إمامه الأشعري بتناقض قواعده. تمت. ومعناه في (هداية العقول). تمت، هامش (شرح القلائد).

وشهد عليهم عالمهم الرازي حيث قال: لا يمكن الحكم بصحة ما جاءت به الأنبياء إلاَّ على أصول المعتزلة. فالحمد لله.

واعلم أن المجبرة لم يجعلوا للقدرة تأثيراً في الفعل أعني في وجوده وسيأتي قول الفقيه: أن المؤثر فيه قدرة الله وإنما يرتبط بقدرة العبد ارتباط المشروط بالشرط، فلو جعلت [أي الأشعرية] القدرة المحدثة مؤثرة في الفعل في إيجاده لم تخالفنا في وجوب تقدمها على أثرها.

قال ابن متويه: والقوم يعترفون بذلك، يعني أنها لو تعلقت بالإحداث وجب تقدمها على الفعل وإنما يصرفون أثرها إلى الكسب، فهي عندهم شبه الإرادة عندنا ثؤثر في وقوع الفعل على وجه الاكتساب لا في حدوثه فهو حادث بقدرة القديم، تعالى، فحينئذٍ يكفي الاحتجاج عليهم في خلق الأفعال؛ إذ لو ساعدوا هنالك لم يخالفوا هنا. تمت (غايات معنى) بتصرف وزيادة.

(١) البهار بالضم: شيء يوزن به، وهو ٣٠٠ رطل، أو ٤٠٠، أو ٦٠٠، أو ١٠٠٠ رطل، والعدل فيه ٤٠٠ رطل. تمت من القاموس معنى.

(٢) المن: كيل معروف أو ميزان أو رطلان كالمنى جمع أمنان وجمع المنى أمناء. ق.