كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول الصلاح والأصلح ومعناها على قول الإمام (ع)]

صفحة 374 - الجزء 2

  الضلال؛ فلو كان فعل الأصلح واجباً على الله تعالى لوجب عليه ابتداء خلق عباده في الجنة، ولما يكلفهم التكليفات، ويبتليهم بأنواع البليات».

  فالجواب: أنه حكى عنا ما لا نقول به، ولا نراه، وهو فعل الأصلح؛ فبنى سؤاله على أصل فاسد.

  وإنما الذي نقول به وهو فعل الصلاح الذي يرجع به إلى اللطف الذي يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الطاعة وترك المعصية، ثم إن فَعَلَ المكلفُ عند هذا اللطف ما كُلِّفَه، سمي اللطف توفيقاً، لموافقته لوقوع ما كُلِّفَ به المكلف.

  وإن امتنع عنده من مواقعة المعصية على وجه لولاه لواقعها باختياره سمي عصمة.

  وإن كان عنده أقرب إلى الفعل أو الترك سمي لطفاً مطلقاً ومصلحة.

  فأما ما يختار المكلف عنده المعصية ولولاه لما اختارها وقد تقدم على ذلك التمكين من الفعل والترك سمي مفسدة وفساداً، وهذا القسم الأخير لا يوجد في أفعاله تعالى، وإن وجدت تلك الأقسام الثلاثة الأولة.

  وإنما اشتبه على كثير من الناس الفرق بين هذه الأمور فيجيب بما ذهب عن الحق لأجل جهله بما ذكرنا؛ فإن كانت هنالك ذخيرة من فكر، ومسكة من حملة هذا العلم فهذا موضع اختبار حال النظار في هذه المسائل، وينبني عليها كثير من مسائل الخلاف بين المسلمين والملحدة، وبين من يضيف إليه تعالى أفعال عباده، وغيرهم من فرق الضلال.

  ولتقع العناية في إحكام هذه الأصول، فقد أوردناها مجملة معراة عن الاستدلال؛ لأن الناظر فيها إن كان معه عهد بهذا الفن لم تغب عنه أدلتها، وإن كان غير عارف بشيء منه جملة ولا تفصيلاً لم يزدد مع بسط الكلام إلا بعداً لقلة الآلة معه.

  وعلى الجملة، إن فعل اللطف واجب وإلا كان فيه نقض غرض المُكَلِّف،