[مسألة (ثلاثة أطفال) بناها الفقيه على القول بوجوب فعل الأصلح والجواب عليها]
  وامتنع الآخر من الأكل فهلك؛ فاللوم عليه لا على المضيف، وهذا بين.
  وأما ما ذكره من الجواب فهو موضوع على غير وجهه؛ لبقاء الشبه بحالها {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٣٢}[التوبة]، لأنه جعل جواب الصغير في أنه لم يعمره حتى يبلغ درجة المؤمن أنه علم أنه إن كلفه كفر، وهذا جواب لا يحسن؛ لأنه لو كان كذلك لما حسن تكليف الله ø لمن علم أنه يكفر، ومعلوم خلاف ذلك، وإن أورد الفقيه على ذلك سؤالاً لزم جوابه.
  وكذلك قوله: «فكان الأصلح لك أن أمتُك صغيراً» فهو بناء على وجوب الأصلح، وهو فاسد بما قدمنا، وهو بخلاف الصلاح الذي هو اللطف.
  وكذلك في جواب الكافر لما قال: «كنت أرضا بدرجة الصبي في الجنة»، فقد علمت أني إذا بلغت كفرت بك فهلا أمتني في صغري فإن ذلك أصلح لي؛ فإنه بناه على الأصلح وهو فاسد بما قدمنا ولسنا نراه؛ إذ كان القول به يؤدي إلى جهالات جملة لا يتسع لها هذا الموضع، وإنما تفرد به معتزلة بغداد ومن تبعهم؛ لأن الباري تعالى يقول: إنما كلفتك تعريضاً لك لمنازل رفيعة لا تنال إلا بالتكليف، وتنجو من مضار عظيمة يوجبها كمال العقل الذي هو أجل النعم عند جميع العقلاء، وإحيائي لك نعمة، وإنما هلكت لسوء اختيارك مع تمكنك من النجاة؛ فعلى من الذنب أيها الفقيه، وعلى من الحجة؟!
  وقد ظهر عندنا ما ذكرنا في جواب قوله: «فعلى قولكم ينقطع الله تعالى عن الجواب»؛ لكنا نقول: إن المجبرة ومن شاركها من المجوس لو قالوا: يا ربنا لم عذبتنا للمعصية فأنت الذي خلقتها فينا وقدرتها وقضيت بها قضاء حتماً لا انفكاك لنا منه، وخلقت لنا القدرة الموجبة لها، والإرادة الموجبة، وسلبتنا الإيمان وقدرته وإرادته؛ فبأي شيء تعذبنا؟! وما الذي يتوجه له تعالى من الجواب على طريقة المجبرة وهم لا يجدون جواباً إلا بالرجوع إلى الحق، وهو: أن العاصي