[حول قدرة الرب وقدرة العبد]
  الذي قال به جهم، ومن جهة الاكتساب الذي زعم أنه يتميز به علاجهم، وأصحابه.
  وإن أراد بالفرق ما تقدم من أقواله المتناقضة فليس مثل ذلك يعتقده عاقل، فكيف يدعي التبجح به.
  وإن أراد أنه أمر تحيرت فيه عقول الأولياء على ما حكاه عن شيوخه بزعمه؛ فكيف يتميز بما تحير فيه عقله إن كان من أولي الألباب؟! وهذا جملة ما قدمه مما يمكن أن يدعي به الفرق بينه وبين جهم، ولقد استمر جهم بن صفوان في إضافة الأفعال إلى فاعل واحد ولم يدخل في هذه الأقوال المتناقضة والحكايات المضطربة.
  وعلى الجملة أنه لا يصح إلا أحد المذهبين كما حكي عن القاضي شمس الدين | أنه تكلم مع رجل من أهل المخلاف أظنه بشواحط، وقد وقف على كتاب تفسير الحاكم فقرأ في أحكام شيء من القرآن الكريم وفيه ما يدل على فساد مذهب المجبرة وبيَّنَ ذلك بياناً شافياً؛ فقال اليماني: نعم المجبرة مناجيس أو مثل هذا.
  فقال له القاضي: ومن المجبرة؟
  فقال له: الجهمية؛ لأنهم يقولون إن الفعل من الله من كل وجه.
  فقال له القاضي شمس الدين: فما تقول أنت؟
  قال: أقول هو من الله خلقاً، ومن العبد كسباً.
  فقال له القاضي: فالكسبُ مَنْ خَلَقَه؟
  قال: الله.
  قال القاضي: وأنت إذاً كجهميين.
  فقال: ليس به إلا قولكم أو مذهب جهم؛ لما لم يجد للكسب وجهاً غير الفعل وسواه فيكون فعلاً آخر.