كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نهي الفقيه ومشائخه عن المناظرة في القدر]

صفحة 393 - الجزء 2

  وفي الآية أنه تعالى لا يعذب أحداً إلا بقدر استحقاقه، ولو حمل على العموم لصلح أن يقال: إن كل شيء خلقه سبحانه بقدر؛ لأنه لا يجوز عليه السهو والغفلة في أفعاله تعالى، بخلاف الواحد منا فلا يفعل الشيء إلا مقدّراً حسب المصلحة.

  وأما قوله: «وقد أجمعت الأمة على ذم القدرية ولعنهم، لكنكم أخذتم في مدافعة هذا الاسم عن أنفسكم وقلتم بل أنتم القدرية».

  فالجواب: أما قوله أن الأمة قد أجمعت على ذم القدرية - فهو صحيح.

  وأما قوله: «لكنكم أخذتم في مدافعة هذا الاسم عن أنفسكم وقلتم: بل أنتم القدرية».

  فالجواب: أنا ما دافعنا إلا بالحق والأدلة الصحيحة، وبينا أن هذا اسم ذم، وأن أحق الناس به من كان مذهبه مذموماً، وبينا أن من ادعى أن الله تعالى يخلق الظلم والكذب والعبث والسفه، وتكذيب نفسه، وسوء الثناء عليه، وقتل أنبيائه وأوليائه وتكذيبهم في دعوى النبوة، وهدم المساجد، وتحريق المصاحف، وعبادة الأوثان، وتحليل المحرمات، وتحريم المحللات، وترك الواجبات؛ فلا شك أن هذا أقبح المذاهب، وأحق بالذم ممن ينفي جميع ذلك عنه سبحانه وتعالى، وينزهه عما نزه عنه نفسه، ويضيف هذه الخبائث إلى فاعليها من الكفار والفساق، ونحن نحكي له طرفاً مما يؤيد ما ذهبنا إليه في موضع يليق به إن شاء الله تعالى.

[نهي الفقيه ومشائخه عن المناظرة في القدر]

  وأما حكايته عن علمائه، وأن منهم من نهى عن المناظرة في هذا الباب، وقال: «يعلمه بإجماع الأمة، وما هو في معنى الضرورة أنهم هم القدرية، قال: وإنما قلنا بذلك لأن النبي ÷ قد قطع اجتهاد الأمة في طلب معرفتهم وتمييز أعيانهم من بين سائر الفرق؛ فوصف أقوالهم التي يختصون بها من قولهم: لا