[نهي الفقيه ومشائخه عن المناظرة في القدر]
  قضاء ولا قدر، وإن الأمر أنف، وإنهم يخلقون الخير والشر ويقضونه من دون الله تعالى، وإن الأمر مستأنف، وكل يعمل ما يريد، وإنهم يعاقبون، فيقال لهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ٤٨ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ٤٩}[القمر]، فإذا كان قد عينهم وقد أخذ على أمته في الأخبار المشهورة عنه أن العبد لا يجد لذة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره، وقوله لجبريل @ حين سأله عن الإيمان، فقال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك» قالوا: فلا وجه للاجتهاد مع وجود النص.
  قالوا: ولو جاز أن يشك في أعيانهم، لجاز أن يشك في أعيان الرافضة المارقين، وأنهم هم الذين يسبون أبا بكر وعمر ..» إلى آخر ما ذكره، وقد قدمناه.
  فالجواب: أن حكايته عن عالمه النهي عن المناظرة في هذا الباب لم يقبلها ولا اعتمد عليها، ولو كان عمل بها لكان أسلم له؛ لأن من سكت سلم سيما فيما إذا قاله أثم وندم.
  وأما قول عالمه: «وقد نعلم بإجماع الأمة، وما هو في معنى الضرورة أنهم هم القدرية».
  فالجواب عنه: أن شيخه وعالمه ارتكب عظيماً، وقال: إنه يعلم بإجماع الأمة، وما هو في معنى الضرورة أنهم هم القدرية، وكيف يدعي إجماع الأمة على بعض الأمة، هذا دليل على نكس القلب كما ينكس الجراب، وذهابه عن الهدى والصواب، ولعله جعل أهل مقالته الأمة دون غيرهم؟! فقد سبقه الإجماع من أهل مقالته أن الأمة الملتزمون شرع النبي ÷ وإن اختلفوا في مسائل كثيرة في الأصول والفروع.
  وأما ادعاؤه علم الضرورة فمثل ذلك يمكن خصمه دعواه إن استغنى بمذهب الفقيه في حسن الكذب على بعض الوجوه! ولا شك أن غرض الفقيه