كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تناقضات الفقيه في أمر إمامة أبي بكر]

صفحة 437 - الجزء 2

  الإمامة، وذلك يخرج عن كونه دلالة، وأحدٌ لا يقول به إلا أن يكون الفقيه يختص بذلك لسعة علمه.

  على أن الفقيه ناقض مناقضة أخرى؛ فقال: «لسنا نقول إن إمامة أبي بكر إنما هي بمجرد الإجماع حتى يقدح فيها تأخر من تأخر عنها» فظاهر لفظه هذا يقتضي أن يثبت إجماعاً وإن تأخر عنه بعض من يعتمد بخلافه من أهل العصر.

  على أن الفقيه رجع عن هذا وقال: «ولسنا مسلِّمين أن أحداً من المهاجرين والأنصار تأخر عنها رأساً ورآها باطلاً، لا علي # ولا العباس ¥ ولا الزبير ولا أحد غيرهم» فانظر إلى هذا التخليط أيها الفقيه ما أعجبه، إن كنت ممن يعلم تفصيل أحواله وأقواله؛ فذكر أنه لا يسلم تأخر أحد من الصحابة.

  ثم قال: «ولا المهاجرين ولا الأنصار» فجعل الفقيه الصحابة سوى المهاجرين والأنصار، وكذلك جعل علياً # والعباس والزبير.

  ثم قال: «ولا أحد غيرهم» ولعل غيرهم أهل الكتب المتقدمة؛ لأنه قد ذكر الصحابة وجعل المهاجرين والأنصار غير الصحابة، وكذلك علياً والعباس والزبير، ثم قال: «ولا غيرهم».

  وأما قوله: «وسنقيم الدلالة بعد هذا في رسالتنا هذه بأسانيد تكشف وجه الغطاء عما ذكرت وطولت».

  فالجواب: إنا على حالة الانتظار؛ فإن تكلم بحق وصح دليله وجب قبوله، وإن تكلم بما يعتاد من أمثاله أجبناه بما يشهد بحاله.

  وأما قوله: «لا يبعد أن تداخل أحداً من الناس شبهة في أول الأمر كما داخلت الأنصار، وقالت: منا أمير ومنكم أمير، وقال خباب بن المنذر: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، وما سوى ذلك النزاع إلى أن زالت الشبهة ورجعت على الاتفاق للبيعة».

  فالجواب: أن هذا اعتراف منه بوقوع النزاع؛ فقد كفانا مؤنته في دعوى الإجماع،