[الكلام حول بيعة أمير المؤمنين (ع) لأبي بكر]
  على صحتها كما ذكرناها هنا، على أن الأخبار إنما يقع الترجيح بينها عند ذكر وجه الدلالة.
  فأما إذا كان المستدل يقول: إن خبره لا يكفي في الدلالة بل يعضله شيء آخر، والآخر يقول: إن خبره مستقل في الإفادة بنفسه كان هذا أولى، كما ذكر الفقيه أنه لا يستدل على إمامة أبي بكر بالإجماع فقط، فأسقط ما تعلق به حذاق المعتزلة ومن شاركهم في طريق الإمامة، لكن من ذكرنا لا يقبلون كلامه لهم ولا عليهم، وإنما يسقط به اعتقاده على الانفراد دون قول من يشاركه في المذهب وخالفه في الدلالة على ما ذكرنا.
  وأما قوله: «على أنك لا تجد نقلاً صحيحاً بأن علياً تأخر عن البيعة رأساً أبداً إلا ببهت صريح، وقول غير صحيح؛ لأنا نعلم بواضح النظر بالبال كذب من ادعى تأخر علي والعباس؛ لأن مثل هذا الخطر الجسيم في مثل هذا الأمر العظيم يجب اشتهاره وظهوره، وأن ينقل نقل مثله، فكيف حفظت الأمة بأسرها وعلمت مخالفة علي لأبي بكر وغيره في حكم أم الولد والتوارث الذي إنما يعلمه الخاصة، وذهب عنهم تأخره والزبير عن البيعة حتى لا يرد إلا وروداً شاذاً ضعيفاً، وتكون الأخبار الكثيرة في مناقضته ومعارضته، والعادة جارية بلزوم مثل هذا للقلوب وانطلاق الألسن بذكره واشتهاره، وإظهاره دون طيه وكتمانه والسهو عنه والإغفال له، إن هذا من أعجب العجب الذي لا يذهب فساده على ذي تحصيل».
  فالجواب:
  أما قوله: «على أنك لا تجد نقلاً صحيحاً بأن علياً # تأخر عن البيعة رأساً إلا ببهت» فإنه يقال له: هل علمت ما ذكرت ضرورة، فكان يجب أن يشاركك فيه خصومك، أو عرفت ذلك بدلالة فأبرز دلالتك، وكيف تقول ذلك، وقد ادعى ذلك جميع العترة ومن شايعهم من البرية؛ فأين يتاه بك يا فقيه بأن تقطع