كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام حول بيعة أمير المؤمنين (ع) لأبي بكر]

صفحة 440 - الجزء 2

  على ما خطر بالبال، دون تحصيل من الاستدلال؟

  وأما قوله: «إنه لو تأخر # من البيعة لوجب اشتهاره؛ لأنه أمر عظيم وخطب جسيم ..» إلى آخر ما ذكره.

  فالجواب: أنه يقال له: ما أنكرت ممن يقلب عليك دلالتك فيقول: إنه # لو بايع طائعاً ودخل تحت مرسوم الإمامة غير مكره لاشتهر وظهر؛ لأنه أمر عظيم، وخطب جسيم، وكيف ينقل اختلافهم في الفروع ولا ينقل الانقياد في استباحة الدماء والأموال، ووجوب المتابعة في الصلوات والجمعة والجماعات، ونعيد له من الاحتجاج مثل ما ذكره، فلا يمكنه الانفصال عن هذا القلب لموضع الاستدلال.

  ثم يقال له: ما أنكرت من ترك نقل البيعة على وجه الإكراه؛ لأن الناقل إما من يعتقد له الإمامة # من الإمامية وأمثالهم فعنده أن المصيبة في إكراهه على البيعة أهون مما تقحموا عليه من الاختصاص بالأمر، وعلى أن أتباعهم فيهم كثرة في كثير من الأعصار، فلا يتمكن العالم بذلك من إظهاره.

  ولقد ذكر لنا عن حي الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان # أنهم كانوا يكتمون أخبار علي # وفضائله في أوقات بني أمية حتى إذا أراد أحدهم أن يحكي عنه # قضية أو فتوى أو شيئاً من أمور الدين، قالوا: قال الشيخ، وإنما يعنونه #، فهذا وما كان مثله مما يمنع من اشتهار الرواية من جهة البيعة.

  وأما من يرى تقديم أبي بكر فلا داعي له إلى نقل ما يخالف مذهبه، سيما وقد تتضمن قصة البيعة مع الإكراه أموراً لا يرى بها مسند الرواية وطريقهما واحد؛ فلو حكى أحدهما لكانت كالمذكرة بالأخرى، كما حكي أنه قال له أبو بكر: بايع فقد بايع المسلمون، فقال علي #: فإن لم؟ فقال: آخذ الذي فيه عيناك، فقال: اللهم اشهد، وبايع.

  وفي بعض رواياتهم: أنه أتي به ملبباً حتى قال أحد الحاضرين: ما رحمت أحداً