[الكلام في سبب سكوت علي (ع) عن المنازعة]
  العلماء؟ ألم تعلم أيها الفقيه أن الردة أحاطت بالمدينة إحاطة البرجال(١)، حتى سد المسلمون أنقابها بالخيل والرجال، وأنها شاعت في بلاد العرب شياع النار في الحطب؛ فما بقيت جهة من جهاتها إلا وفيها ردة ظاهرة ورئيس مطاع إما متنبي أو مترئس؛ فأين يتوجه إلزامك أيها الفقيه؟ ومن أمثال العرب: ويل أهون من ويلين، والوقوف في الجهة التي لا خلل فيها إلا في حقه أولى، وقد ذكر ذلك #، وسائر أحكام الله قائمة، وسنن الحق ما خلا إمامته ماضية، وكلامه هذا مبني على قول من يقول: إنهم قد بدلوا أحكام الله وخالفوا السنة الشريفة، ولسنا نرى ذلك ولا نجيزه فيهم، ولو فعل أبو بكر شيئاً من الاجتهاديات مما خالف رأي علي # لم يجب النكير فيه من حيث أن كل مجتهد في الفروع مصيب إذا وفى الاجتهاد حقه(٢).
  وإنما الكلام في استيلائهم للأمر، وغلبتهم عليه، وكان علي # أحق به، ونقول: إن ما فعلوه من ذلك عن التقصير في النظر في النصوص الدالة على إمامته(٣) #، وما ذكر إنما يلزم من يقول إنهم علموا أن علياً # هو الإمام الحق فخالفوا ما علموا وجوبه.
(١) كذا في النسخ وكان البحث في القاموس وأساس البلاغة والصحاح والنهاية ولم توجد هذه اللفظة. ولعله البرج، والله أعلم تمت نقلاً من خط الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٢) قال ¦ في التعليق: لكنه قد أنكر على مخالفه في الجملة مثل قوله #: (أين يتاه بكم عن علم تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة حتى صار في عترة نبيكم؟).
وقوله: (أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا؟ ... إلخ).
وقوله: (نحن الخزنة والأبواب فمن أتى البيوت من غير أبوابها سُمي سارقاً). والأدلة الدالة على كون علي حُجَّة لم تفرق بين الفروع والأصول. تمت.
(٣) قال ¦ في التعليق: قد مرَّ للإمام أنه لا يصح تقدير مثل هذا، وأنه يعود على أصلنا بالنقض، وأنه لا يمكن فرض حملهم وهم المشاهدون [على عدم العلم بالأدلة والنصوص] وكيف لا ينبههم الباقون؟ وأنه قد روي عنهم الإقرار بكون الأمر لعلي #، وقد تقدم كونهم ظلموا بإجماع العترة، فالأولى في تجميل حالهم ما كرره الإمام # من أنه لم يعلم قدر معصيتهم وإن تعمدوا. وقد مر أبسط من هذا.