[حكاية إجماع أهل البيت (ع) على أن عليا (ع) لم يبايع طوعا]
  وقلت أعوانه على مقاساة الأمر؛ لكثرتهم وقوة شوكتهم، وكثرة الدخائل في قلوب كثير منهم لعلي #، وخشية تفاقم الأمر، وتشتت الإسلام وهو غض، وقرب أعداء الدين، فقد نجم من النفاق والردة ممن ارتد ما نجم حتى بلغوا إلى سرح(١) المدينة، فأغاروا عليه؛ فكيف لو وقع منه # نزاع في الأمر؟ ولكل غرض خلاف غرض الآخر، فكان علمه # بما يقتضيه الدين، وتسلم به أمور المسلمين، وجعل الإغضاء على ما ناله في حقه أولى من طلب حقه مع تشتت شمل الإسلام سيما، وقد عرف # أن خطأهم في هذه المسألة لا يحملهم على عمل بغير الشريعة وتبديل الأحكام فيما خلا الإمامة، وتحليل حرام وتحريم حلال؛ فرأى # الغفلة أجدر ولو كان في نفسه حزازات، وفي قلبه شجاً(٢)، وقد أظهر # ذلك في مقامات المقال والجدال كما قال #: (فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي فظننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمرّ من طعم العلقم) في خطبة طويلة(٣) ذكرنا منها هذه النكتة.
  وعنه # لما انتهى إليه كلام السقيفة، قال: (ما قالت الأنصار؟) قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير؛ فقال #: (أفلا احتججتم عليهم بأن رسول الله ÷ وصانا بأن نحسن إلى محسنهم، ونتجاوز عن مسيئهم) قالوا: وما في هذه
(١) السرح: المال السائم، وفناء الدار. انتهى من القاموس، وفي النهاية: السرح اسم جمع، وليس بتكسير سارح، أو هو تسمية بالمصدر، وفيها السرح والسارح والسارحة سواء. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٢) قال ¦ في التعليق: ولذا قال # في شأن عثمان: (لأُسلِّمن ما سَلِمَت أمور المسلمين ...) إلخ ما قال في (نهج البلاغة). تمت.
(٣) نهج البلاغة ص (٨٩) الخطبة رقم (٢٦) عنوانها [ومن خطبة له # في ذم من بايعه بشروط]، وقد ذكرها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (١/ ١٥٤) والطبري في المسترشد (٩٥) والثقفي في الغارات وشرحها ابن أبي الحديد (١/ ٢٧٢).