كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حكاية إجماع أهل البيت (ع) على أن عليا (ع) لم يبايع طوعا]

صفحة 453 - الجزء 2

  وقلت أعوانه على مقاساة الأمر؛ لكثرتهم وقوة شوكتهم، وكثرة الدخائل في قلوب كثير منهم لعلي #، وخشية تفاقم الأمر، وتشتت الإسلام وهو غض، وقرب أعداء الدين، فقد نجم من النفاق والردة ممن ارتد ما نجم حتى بلغوا إلى سرح⁣(⁣١) المدينة، فأغاروا عليه؛ فكيف لو وقع منه # نزاع في الأمر؟ ولكل غرض خلاف غرض الآخر، فكان علمه # بما يقتضيه الدين، وتسلم به أمور المسلمين، وجعل الإغضاء على ما ناله في حقه أولى من طلب حقه مع تشتت شمل الإسلام سيما، وقد عرف # أن خطأهم في هذه المسألة لا يحملهم على عمل بغير الشريعة وتبديل الأحكام فيما خلا الإمامة، وتحليل حرام وتحريم حلال؛ فرأى # الغفلة أجدر ولو كان في نفسه حزازات، وفي قلبه شجاً⁣(⁣٢)، وقد أظهر # ذلك في مقامات المقال والجدال كما قال #: (فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي فظننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمرّ من طعم العلقم) في خطبة طويلة⁣(⁣٣) ذكرنا منها هذه النكتة.

  وعنه # لما انتهى إليه كلام السقيفة، قال: (ما قالت الأنصار؟) قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير؛ فقال #: (أفلا احتججتم عليهم بأن رسول الله ÷ وصانا بأن نحسن إلى محسنهم، ونتجاوز عن مسيئهم) قالوا: وما في هذه


(١) السرح: المال السائم، وفناء الدار. انتهى من القاموس، وفي النهاية: السرح اسم جمع، وليس بتكسير سارح، أو هو تسمية بالمصدر، وفيها السرح والسارح والسارحة سواء. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٢) قال ¦ في التعليق: ولذا قال # في شأن عثمان: (لأُسلِّمن ما سَلِمَت أمور المسلمين ...) إلخ ما قال في (نهج البلاغة). تمت.

(٣) نهج البلاغة ص (٨٩) الخطبة رقم (٢٦) عنوانها [ومن خطبة له # في ذم من بايعه بشروط]، وقد ذكرها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة (١/ ١٥٤) والطبري في المسترشد (٩٥) والثقفي في الغارات وشرحها ابن أبي الحديد (١/ ٢٧٢).