[حكاية إجماع أهل البيت (ع) على أن عليا (ع) لم يبايع طوعا]
  وأما حكايته عنه: ثم قال [القرشي]: وعند بيعتهم ما بايعوا عن رضا ولا سلموا الأمر عن طوع، لا قولاً ولا فعلاً، وإجماعهم حجة كما في آية الاجتباء.
  ثم قال [الفقيه]: «فهذا الرجل يدعي أن علياً # أكره على البيعة وأجبره على ذلك أبو بكر بالشدة والعنف، ولا محالة أن علياً في بني هاشم أمنع من أبي بكر في بني تيم، وأقدر على ما يريده من الأمر لو أراده، وكيف يقدر أبو بكر وعمر على إكراهه على ذلك وإجباره؟ ما ذاك إلا لأنه عندك عاجز ضعيف مهين لا ناصر له، ولا قائم دونه، حتى زعمت أنه أتي به ملبباً فبايع مكرهاً، ولولا خوف القتل لما بايع ولا شايع؛ لقد أردت نصره فخذلته، وقصدت رفعته فوضعته؛ كلا بل له عِزٌّ أبيٌّ، وساعد قوي، ويد ناصرة، وعين للحق ناظرة، لا يصبر على أن يضام، ولا يرضا أن يستبدل بضوء الحق دجية الظلام».
  فالجواب: أنه فرض المغالبة بين بني هاشم وبني تيم، ولو كان الأمر على ما قال لكان جانب علي # أمنع وأقوى وأقهر من جانب أبي بكر وعمر، وأغفل الفقيه حكاية الشأن في البيعة ومن حضرها ومن تبعهم على ذلك واعتقده من الصحابة المهاجرين منهم والأنصار، وقول عمر(١): لما رأيت أسلم قد ضاقت بهم الأزقة وثقت بالاستظهار، إلى غيرهم من قبائل الأنصار وجلة المهاجرين إلا الأعيان الذين تخلفوا مع علي وأهل بيته، وهم العدد اليسير، وقد قال عمر في سعد: (اقتلوا سعداً قتله الله)(٢)، ومكانه في الأنصار مكانه، وليس ذلك إلا للاستظهار بكثرة الأتباع؛ فكيف تقف بالأمر على بني هاشم وبني تيم؟ لولا المغالطة لمذهبه لطلب الحق.
  وأما قوله: «إنه عاجز ضعيف ..» إلى آخر كلامه.
  فالجواب: أنه لا غضاضة عليه - سلام الله عليه - حين تغلبت الرجال،
(١) رواها الطبري في تاريخه.
(٢) سيأتي للإمام # بعد هذا الكلام نقل هذه المقولة لعمر من كتاب تاريخ الطبري.