[رواية أحداث السقيفة]
  حتى إذا أراد الله ø بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، ورزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه؛ فكنتم أشد الناس على أعدائه، وأثقلهم على عدوه من غيركم، حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرهاً، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داحراً، وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله وهو عنكم راض، وفيكم قرير عين، استبدوا بهذا الأمر دون المسلمين، وإنه لكم دون الناس.
  فأجابوا بأجمعهم: أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر؛ فإنك له أهل، ولمصالح المسلمين رضاً، ثم إنهم ترادوا الكلام قالوا: فإن أبت مهاجرة قريش؛ فقالوا: نحن المهاجرون وصحابة رسول الله ÷ الأولون، ونحن عشيرته وأولياؤه فعلام ننازع الأمر من بعده؟
  قالت طائفة منهم: فإنا نقول إذاً: منا أمير ومنكم أمير، ولن نرضى دون هذا أبداً؛ فقال سعد بن عبادة حين سمعها: هذا أول الوهن.
  وأتي عمر بالخبر فأقبل إلى منزل رسول الله ÷ فأرسل إلى أبي بكر، وأبو بكر في الدار، وعلي بن أبي طالب دائب في جهاز رسول الله ÷، فأرسل إلى أبي بكر أن اخرج إليّ؛ فأرسل إليه: إني مشتغل في جهاز رسول الله ÷ فأرسل إليه: أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره؛ فخرج إليه، فقال: أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة، وأحسنهم مقالة من يقول: منا أمير ومنكم أمير.
  فمضيا مسرعين نحوهم فلقيا أبا عبيدة بن الجراح فتماشوا إليهم ثلاثتهم، فلقيهم عاصم بن عدي، وعويمر بن ساعدة، فقالا لهم: ارجعوا فإنه لن يكون إلا ما تحبون، فقالوا: لا نفعل؛ فجاءوا وهم مجتمعون، فقال عمر بن الخطاب: أتيناهم وقد كنت زورت كلاماً أريد أن أقوم به فيهم، فلما أن دفعت إليهم