[تأويل خبر: الخلافة ثلاثون عاما]
  وأما قوله: «أخبرني ما تريد بقولك: الحق المبين».
  فالجواب: أن ما وقع فيه الخلاف على ضربين: عقلي وسمعي؛ فالعقلي مثل مسألة خلق الأفعال وإرادة معاصي العباد، والقضاء بالفساد، وجواز تعذيب العباد بغير ذنب، وما جانس ذلك، فهذه أمور تصح المكالمة فيها بأن ترد إلى العقليات، بأن نقول: إن الأفعال لو لم تكن من العباد لما توجه إليهم الأمر ببعضها، والنهي عن بعضها، وكذلك إرادة القبائح، فقد ثبت في الشاهد أن إرادة القبيح قبيحة، وإنما قبحت لكونها إرادة له؛ فكذلك في الغائب لاشتراك الشاهد والغائب في العلة، وهي كونها إرادة للقبيح، فيجب أن يشتركا في الحكم، وهو القبيح وهو تعالى لا يفعل القبيح.
  وكذلك الكلام في التعذيب بغير ذنب؛ لأنه ظلم، والظلم قبيح، وهو تعالى لا يفعله، وجميع ذلك قد تقدم.
  وأما الشرعية؛ فمنها ما استفتح به الكلام من ذكر إمامة زيد بن علي @ فإنها شرعية وطريقها الشرع، وإنما كانت شرعية لأن الإمامة تقتضي وجوب التصرف في أمور ضارة لا يبيحها العقل نحو القطع والقتل والجلد وأخذ الأموال طوعاً وكرهاً، وصرفها فيمن يراه الإمام؛ فلولا الشرع لما جاز شيء من ذلك، ولهذا يكون طريقها الشرع، وطريق الإمامة في الأئمة الثلاثة $ النص، وفيمن بعدهم الدعوة والخروج مع كمال الخصال على ما يأتي ذكره عند الحاجة إلى ذكره إن شاء الله تعالى.
  ومن جملة الشرعي في هذه المسألة ما تقدم من النبي ÷ من البشارة بزيد بن علي @ ومدحه وأشياعه، وهذه أمور تعلم بالشرع أيضاً فهذه جملة قد نقلناها للفقيه لبيان ما وعد به من الفرق بين الخطأ والصواب أوردناها هنا، ولا بد من الاستدلال عليه في مواضعه إن شاء الله تعالى.