[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]
  بأن من خالف في ذلك العقل فقد خالف السمع أيضاً، وهذا أصل يجب الاعتماد عليه هاهنا.
  وأما قوله: «خلافاً للمجوس وغيرهم من المشركين».
  فالجواب: أنه إن أراد أن المجوس يقولون: إن العبد فاعل مختار كما يقوله أهل العدل - فالجواب: أنه قد أتحفهم من كذبه بما أتحف به سواهم؛ فإنهم يقولون: إن فاعل الخير مطبوع عليه، وكذلك فاعل الشر.
  وإن أراد أن المجوس يقولون: إن الأفعال تصدر من غير اختيار فهو تحقيق مذهب المجبرة القدرية؛ فينبغي له أن لا يوهم غيره أنه ما أراد إلا المذهب الأول، ولهذا قال حاكياً عن السلف: «إن أفعال العباد من جملة مخلوقاته فهو مبدعها والقادر على إحداثها» - فالجواب: ويله من الله في هذه الحكاية عن السلف الصالح، وقد قدمنا ما يسود وجهه في هذه الرواية عن النبي ÷ وعن أمير المؤمنين علي # وعن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وسنزيد ذلك إيضاحاً إن شاء الله تعالى، وإن كان الواجب على من له مسكة في دين أن ينقاد للدليل الواحد من عقل كان أو نقل؛ فكيف وقد جمعنا له من ذلك ما لم يجمع لسواه، واحتججنا على أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى من العقل وكلام الرسول ÷ وكلام من يثق الكل بكلامهم.
  فأما القرآن الكريم فما فيه أكثر من أن يحصى، ولعلى ما حزرناه(١) من أنه يدل على بطلان الجبر والتشبيه يزيد على ثمانين ومائتين آية من أول القرآن إلى آخره.
  وأما قوله: «وللعبد قدرة متعلقة باكتسابها، وهو مريد لها مختار، وهي تجري على يديه من غير إلجاء ولا إجبار».
  فالجواب: أن هذا من الفقيه إما رجوع عن إضافتها إلى الله سبحانه،
(١) أي قدرناه.