[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]
  ولكن أخبرنا عن قولك: «لأن تقدم قدرة هذا العبد ومقارنتها للحركة لا تأثير لها في تغيير نفس الحركة عما هي عليه في نفسها من الصفات» ما فائدة ذكرها هنا؟ وأين موضع الحاجة إليه(١)؟ ولعل الفقيه وجد في النسخة صدراً ملحقاً من مسألة أخرى فأدخلها في هذه المسألة ظناً منه أن لها بها تعلقاً وذلك رجاء خائب؛ فليتأمل مسطوره ثانياً.
  وأما قوله: «والذي يكشف عن صحة هذه الدلالة أنه سبحانه لما كان قادراً على إحداث جسم كان قادراً على إحداث ما في معناه ..» إلى آخره.
  فالجواب: أنه إن أراد بما في معناه ما كان من الأجسام فهو صحيح، وإن أراد بما في معناه بمعنى ما يصح حدوثه فقد بينا في السؤال الأول أن المقدور لم يتعلق بالقادر لأنه يصح حدوثه، بل صح حدوثه منه لأنه قادر عليه، فكيف تعكس القضية؟
  وإن أراد أنه يصح حدوثه في نفسه بمعنى أنه ليس بمستحيل فقد قدمنا أن هذا ليس هو العلة في تعلقه به.
  وأما قوله: «ولما استحال تعلق القدرة بالجمع بين الضدين الذين هما السواد والبياض وغير ذلك من المتضادات؛ لأن المحال في معنى المحال»، وأسقط الناسخ عند الفقيه جواب المسألة في المتضاد أو جهل ذلك؛ لأنه كان ينبغي أن يقول: ولما استحال تعلق القدرة بالجمع بين الضدين، استحال من كل قادر،
(١) قال ¦ في التعليق: لعلَّ المراد بيان أن الحركة من العبد في معنى جنسها من الحركات، فتقدم قدرة العبد على قول العدليَّة، ومقارنتها على قول الفقيه على الحركة لا يغير معناها عن حقيقتها، فإذا تعلقت قدرة العبد بها وهي حركة لم تتغير عن معناها، فلو كان الباري غير قادر عليها لم يكن قادراً على جنسها من الحركات المماثلة لها ... إلخ.
وجوابه ما مرَّ من أنه لا تلازم؛ إذ لا جامع بينهما، بل حصل المانع وهو التمانع في أحدهما دون الأخرى، فكيف يصح أن يقال: ما يمتنع مع وجود المانع يلزم مثله مع عدم المانع وهما نقيضان؟! وشأن التناقض الاختلاف في الأحكام لا الجمع فيها!.