كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول القدرة ومتعلقاتها]

صفحة 537 - الجزء 2

  ولهذا فإن الباري تعالى لا يجمع بين الضدين لكونه محالاً، ثم يقول بعده: لأن المحال في معنى المحال والجائز الممكن في معنى الجائز الممكن.

  فالجواب: أنه متى لم يصح الجمع بين الضدين لم يكن مقدوراً، وإن كان صحة وجود كل واحد منهما ثابتة على البدل ومتعلقة بالقادر؛ فلو تعلق المقدور بالقادر لصحة حدوثه وقد صح على البدل لصح على الجمع؛ لأنها صحة في الحالين.

  فإن قال: يصح على البدل، ولا يصح على الجمع؛ لأنها صحة مخصوصة، كان جواباً له عن هذه المسائل⁣(⁣١) أنها صحة مخصوصة، ولم تتعلق بالقادر منا ولا بالباري تعالى؛ لأنها صحة مطلقة؛ فلينظر في ذلك.


(١) قال ¦ في التعليق: أي أن الفقيه لما جعل العلَّة في تعلق القدرة بالمقدور هي صحة الإحداث.

وقال: فلو تعلقت قدرة العبد بإحداث نحو الحركة لتعلقت بإحداث الجواهر ونحو الألوان.

أجاب الإمام: بأن الفقيه قد قرر عدم تعلق القدرة بالجمع بين الضدين، مع أن كل واحد من الضدين يصح إحداثه، فلو كانت الصحة هي العلَّة في التعلق لتعلقت القدرة بالجمع بينهما.

فإن أجاب: بأنها في أحد الضدين صحة مخصوصة ولم يكن مع الجمع.

قيل له: وكذا في تعلق قدرة العبد بنحو الحركة لصحة مخصوصة لم تكن في نحو الأجسام وهي بكونها بقدرة كائنة بالفاعل محصورة بخلاف الباري فمطلقة فلم يتعلق بِنَا نَحْوُ [أي لم تتعلق قدرتنا بإيجاد نحو الأجسام] الأجسام، هذا في المسألة الأولى.

وأمَّا في الثانية: وهي في تعلق قدرة العبد بنحو الحركة وأنها يقدر عليها الباري فيكون مقدوراً بين قادرين وإلاَّ لم يقدر الباري تعالى على نحوها ... إلى آخر قول الفقيه.

فنقول: إنَّا لم نتفق على أن الله قادر على إحداث مثل هذه الحركة إلاَّ لأنه يصح حدوث الحركة صحة مخصوصة بعدم المانع من تعلق قدرة غير الباري تعالى، أو وجودها [أي وجود هذه الحركة المعينة]، أو نحو ذلك من الموانع لتعلق القدرة.

وهي في الحركة المماثلة لما تعلقت به قدرة العبد صحةٌ مخصوصة مقتضية لصحة تعلق قدرة الباري بها، وفيما تعلقت به قدرة العبد صحةٌ مطلقة فلم تتعلق بالباري لعدم حصول العلَّة وهي الصحة المخصوصة، والله أعلم. تمت.