كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه ارتباط العبد بقدرة الله تعالى ارتباط المخترع بالمخترع والرد عليها]

صفحة 16 - الجزء 3

  أحدهما: أنه لا يكون فاعلاً بخلق القدرة، وإنما يكون فاعلاً بوجود الفعل منه على حد الاختيار.

  والثاني: أن القدرة تحل جزءاً من الحي، والفاعل هو الجملة، فلو كان الفاعل محل القدرة، لكان جملة الحي بمثابة قادرين كثيرين، فلا يحصل الفعل من جملتهم بداع واحد وإرادة واحدة، وتصح حينئذ المنازعة بين أبعاض الحي، كما تصح بين القادرين المتغايرين الأجزاء.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «كما يسمى الأمير قاتلاً، والجلاد قاتلاً؛ لأن القتل ارتبط بقدرتيهما، ولكن على وجهين مختلفين، فلذلك يسمى فعلاً لهما».

  والجواب: أنا قد بينا أن تسمية الأمير قاتلاً من حيث أمر بالقتل، ورضي به، وأحبه وشاءه؛ فإن كان الفقيه يرى أن الله تعالى يأمر بالمعاصي والفحشاء صح له المثال، وإن تورع عن مخالفة الكتاب والسنة أبطل المثال.

  وأما تسمية الجلاد قاتلاً، فإن كان فَعَل القتل فهو صحيح، وإن كان يسمى قاتلاً بمعنى حلول القدرة فيه فهو باطل؛ لأن حلول القدرة واللون والرائحة والطعم والحرارة وغيرها من الأعراض سواء في أن شيئاً منها لا يسمى المحل بأنه فاعل إلا بأن يفعل، لا بأن يحله عرض.

  وأما قوله: «لأنه ارتبط بقدرتيهما، ولكن على وجهين مختلفين، فلذلك يسمى فعلاً لهما».

  فالجواب: أنه إن عنى بالارتباط أحد أنواع التعلق، فكان ينبغي أن يبينه، فإن منها تعلق تصحيح⁣(⁣١)، ومنها تعلق إيجاب⁣(⁣٢)، ومنها تعلق اختيار⁣(⁣٣)، فهذه تعلقات المؤثر. وأما تعلق التأثير فهي أمور أخر.

  فإن أراد الفقيه ارتباط الفعل بقدرتيهما؛ أن لكل واحدة من القدرتين


(١) كالشرط. اهـ.

(٢) كالعلة. اهـ.

(٣) كالقدرة. اهـ.