كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تسمية الفقيه المراد بالإرادة والرد عليه]

صفحة 18 - الجزء 3

  قال [أي محيي الدين]: ولعله أراد به، فوجد مراد إبليس، ولم يوجد مُراد الله؛ فعبر عن المراد بالإرادة، وهذا أجمل ما يحمل عليه غلطه هاهنا.

  فنقول: أما ما استبعدته وزعمت أنه غلط، من تسميتي المراد بالإرادة، فلا غلط في ذلك، بل هذا من تسمية⁣(⁣١) السبب باسم المسبب؛ لأنه لما كان المراد يوجد من الإرادة، ويحدث بعد وجودها، سمي باسمها، كما قال الله ø، في الإخبار عن أحد صاحبي يوسف #: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}⁣[يوسف: ٣٦]، وإنما المعصور العنب⁣(⁣٢) وكذا يقال: صلينا على أثر سماء، يريد الغيث، لما كان نزوله من السماء سمي باسمها، وكذا روي أن بعض الأعراب رأى رجلاً وهو يحمل عنباً فقيل له ما هذا الذي معك؟ فقال: خمر، لما كان الخمر يعصر من العنب ويؤخذ منه سمي باسمه، وهذا في اللغة كثير لمن يعرف ذلك، فلا معنى للإنكار في هذا إلا الجهل وعدم المعرفة».

  فالجواب:

  أما قوله: «إنه سمى المراد إرادة، كما يسمى السبب باسم المسبب».

  فالجواب: أنه يسأل هل أراد السبب المصطلح عليه عند الموحدين؟ بطل؛ لأن الموجَب لا يسمى باسم الموجِب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تلبيس التأثير بالمؤثر، وذلك لا يجوز.

  وإن أراد السبب عند الشرعيين بطل؛ لأنهم يقولون: إن الوطء سبب الولد، والوطء لا يسمى ولداً، ولا الولد يسمى وطئاً.


(١) الصواب: من تسمية المسبب باسم السبب، ولعل في الكلام سقطاً، والأصل من تسمية المسبب باسم السبب كما يسمى السبب ... إلى آخره؛ يدل عليه حكاية الإمام له في الجواب، وقوله: إن الفقيه نسي أن المجاز لا يصح عليه القياس، والله أعلم. اهـ إملاء الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٢) قال ¦ في التعليق: جعل الفقيه العلاقة السببيَّة أولاً، ثم مثَّل بما تكون العلاقة الأَوْلَ إلى الشيء كالخمر اسماً للعصير، وهذا يدل على قلة معرفته، وأنه لا يفرق بين العلاقات، ولقد صدق الإمام # في تمثله بقوله: ولو أني بليت بهاشمي ... إلخ.