كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى: الغفران لمن يشاء]

صفحة 84 - الجزء 3

[معنى: الغفران لمن يشاء]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما من السنة فما لا يحصى، أقربها ما أجمعت العلماء على صحته، ونقلوه في كتب الصلاة، وهو ما رواه أبو طلحة الأنصاري، أن النبي ÷ قال: «خمس صلوات في اليوم والليلة، كتبهن الله على عباده، فمن أتى بهن بوضوئهن وركوعهن وسجودهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» وهذا حديث مشهور، ومعروف غير منكور، وهو من نص النبي ÷ في معنى ما ذهبنا إليه».

  فالجواب: أنا قد قدمنا من الأخبار الصحيحة المنقولة بطرق من لا يستجيز الكذب، أن من ترك شيئاً من العبادات الواجبة، أو ارتكب شيئاً من الكبائر، ومات غير تائب؛ فإنه يدخل النار قطعاً، وفيها من التصريح الظاهر بذلك ما يغني عن إعادته، وهذا الخبر الذي ذكره، ليس فيه من القطع مثل ما في سائرها.

  وأما قوله: «فنقول: ذكر ÷ في هذا الخبر أن من لم يأت بهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه».

  فنقول فيه بوجهين: أحدهما: أن الجزاء احتمل المشيئة، من تاب أو أصر على ترك الواجب، فمن تاب أدخله الله الجنة، ومن أصر عذبه، وتتعلق المشيئات على هذين الوجهين؛ لموافقة سائر الأدلة من الكتاب والسنة.

  والوجه الثاني: أن ما في هذا الخبر مرجى، وفي غيره مقطوع على أحد الجائزين، فخبرنا مثبت فوجب الاعتماد عليه، وقد قدمنا من ذلك ما يكفي القليل منه، غير أنا نورد هاهنا ما يزيده تأكيداً، ونرجوا به النفع لمن طلبه إن شاء الله تعالى؛ فنقول:

  أخبرنا المشائخ الفضلاء، حسام الدين الحسن بن محمد الرصاص، ومحيي الدين محمد بن أحمد القرشي، وعفيف الدين حنظلة بن الحسن بن شبعان